إنها‭ ‬لغزوات‭ ‬وآخرها‭: ‬غزوة‭ ‬‮«‬النقابة‭ ‬المتنقّبة‮»‬


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬باسل‭ ‬رفايعة

للمرةِ‭ ‬الثالثة،‭ ‬أكتبُ‭ ‬عن‭ ‬فصل‭ ‬الممثّلة‭ ‬الأردنية‭ ‬أسماء‭ ‬مصطفى‭ ‬من‭ ‬نقابة‭ ‬الفنانين،‭ ‬لأسبابٍ‭ ‬دينية،‭ ‬تتعلقُ‭ ‬بمستوى‭ ‬القراءة‭ ‬والفهم،‭ ‬وبالكارثة‭ ‬التي‭ ‬تحلُّ‭ ‬بالأردن،‭ ‬الذي‭ ‬دفعَ‭ ‬ثمناً‭ ‬غالياً‭ ‬من‭ ‬دماءِ‭ ‬أولاده‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للدواعش‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬وفي‭ ‬الكرك،‭ ‬والبقعة،‭ ‬والرقبان،‭ ‬وإربد‭.‬

لا‭ ‬أعرفُ‭ ‬أسماءَ،‭ ‬ولا‭ ‬تعرفني،‭ ‬ولسنا‭ ‬أصدقاء‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الأزرق‭. ‬ولم‭ ‬أشاهدها‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭. ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬الأمرَ‭ ‬لا‭ ‬يتعلّقُ‭ ‬بها‭. ‬سيأخذها‭ ‬اليأسُ،‭ ‬وتهاجرُ‭ ‬الى‭ ‬تونس‭ ‬أو‭ ‬بيروت،‭ ‬أو‭ ‬أيّ‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية،‭ ‬لا‭ ‬تسمحُ‭ ‬لابن‭ ‬تيمية‭ ‬أن‭ ‬يُفتي‭ ‬في‭ ‬هاملت،‭ ‬وفي‭ ‬جلجامش،‭ ‬وميدوزا‭.‬

ما‭ ‬يحدثُ‭ ‬لا‭ ‬يتعلقُ‭ ‬بأسماء،‭ ‬فقط‭. ‬إنما‭ ‬يمسُّ‭ ‬أولادنا‭ ‬وبناتنا‭. ‬فما‭ ‬هي‭ ‬قيمُ‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬نعيشُ‭ ‬فيها،‭ ‬وتكشفُ‭ ‬ظهرنا‭ ‬للقتلة‭ ‬والسفلة‭ ‬والمجرمين،‭ ‬وتعتبرُ‭ ‬ما‭ ‬يحدثُ‭ ‬شأناً‭ ‬مألوفاً،‭ ‬يستحقُّ‭ ‬أكثرَ‭ ‬ما‭ ‬يستحقُّ‭ ‬‮«‬خطةً‭ ‬وطنية‮»‬‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطرف؟‭!‬

لقد‭ ‬قتلوا‭ ‬ناهض‭ ‬حتّر‭. ‬قتلوه‭. ‬لم‭ ‬تُفجع‭ ‬الدولة،‭ ‬ولا‭ ‬كبرياؤها،‭ ‬ولا‭ ‬حكومتها‭. ‬مجلسُ‭ ‬نوابها‭ ‬لم‭ ‬يَسألْ‭. ‬لم‭ ‬يُحقق‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬كاتب‭ ‬أردني‭ ‬على‭ ‬درج‭ ‬قصر‭ ‬العدل‭. ‬يواصلُ‭ ‬هاني‭ ‬المُلقي‭ ‬عمله‭ ‬كالمعتاد،‭ ‬ويتحدث‭ ‬وزير‭ ‬إعلامه‭ ‬عن‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭. ‬

هل‭ ‬ثمة‭ ‬فضيحة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭!.‬

أسماء‭ ‬مصطفى‭ ‬ستغادرُ‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬تخسرُ‭ ‬بناتها‭ ‬وأبناءها‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭. ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أولادٌ‭ ‬وبناتٌ‭. ‬يعيشون‭ ‬ويحلمون‭ ‬ويمرحون‭. ‬لكنَّ‭ ‬المباهج‭ ‬محرمة،‭ ‬ودونها‭ ‬من‭ ‬يملكون‭ ‬أوراقاً‭ ‬ثبوتية،‭ ‬تؤكدُ‭ ‬أنهم‭ ‬ناطقون‭ ‬رسميون‭ ‬باسم‭ ‬الله‭.‬

ناهض‭ ‬حتر‭. ‬وأسماء‭ ‬مصطفى‭. ‬وزليخة‭ ‬أبو‭ ‬ريشة،‭ ‬وذوقان‭ ‬عبيدات،‭ ‬وغيرهم‭ ‬يعبث‭ ‬بهم‭ ‬تحالفُ‭ ‬السلطة‭ ‬والدين‭ ‬السياسي،‭ ‬والتديّن‭ ‬الاجتماعيّ‭. ‬وهو‭ ‬تحالفٌ‭ ‬تواصله‭ ‬أجيالٌ‭ ‬وعائلات‭. ‬لا‭ ‬حظوا‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لفتى‭ ‬عبدون‭ ‬الذي‭ ‬احتفل‭ ‬بنجاحه‭ ‬في‭ ‬التوجيهي،‭ ‬وفتح‭ ‬زجاجة‭ ‬شمبانيا‭. ‬ابْنُ‭ ‬النائب‭ ‬الإخوانيّ‭ ‬السابق‭ ‬علي‭ ‬أبو‭ ‬السكر‭ ‬لاحقه‭ ‬قضائياً،‭ ‬بتهمة‭ ‬‮«‬خدش‭ ‬الحياء‭ ‬العام‮»‬‭. ‬طبعاً‭ ‬هو‭ ‬الحياء‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يُخدشْ‭ ‬حين‭ ‬توجّه‭ ‬أبو‭ ‬السكّر‭ ‬الأب‭ ‬للعزاء‭ ‬في‭ ‬الإرهابيّ‭ ‬أبي‭ ‬مصعب‭ ‬الزرقاويّ‭ ‬في‭ ‬2006،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬ذبحَ‭ ‬ناسنا‭ ‬في‭ ‬الفنادق،‭ ‬جهاداً‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭.‬

الدولة‭ ‬التي‭ ‬تقبلُ‭ ‬فصلَ‭ ‬أسماء‭ ‬مصطفى‭ ‬من‭ ‬نقابة‭ ‬الفنانين‭ ‬‮«‬زوراً‭ ‬وبهتاناً‭ ‬وظلماً‭ ‬واستقواءً‮»‬‭ ‬تُسألُ‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬البؤس‭. ‬الدولة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬صمتت‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬اغتيال‭ ‬الشهيد‭ ‬ناهض‭ ‬حتّر،‭ ‬تـسألُ‭ ‬عن‭ ‬استيقاظ‭ ‬الزرقاوي‭ ‬على‭ ‬دوّار‭ ‬عبدون‭.‬

غزواتٌ‭ ‬مستمرّة‭ : ‬غزوةُ‭ ‬‮«‬قصر‭ ‬العدل‮»‬‭. ‬غزوة‭ ‬‮«‬الشمبانيا‮»‬‭. ‬غزوة‭ ‬‮«‬النقابة‭ ‬المتنقّبة‮»‬‭.. ‬إلى‭ ‬آخره‭. ‬يفوزون‭ ‬ويقتسمون‭ ‬الغنائم،‭ ‬ويحلمونُ‭ ‬بالمزيد‭..‬