كلّ‭ ‬الاحترام‭ ‬للدكتورة‭ ‬ريما‭ ‬خلف


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬باسل‭ ‬رفايعة

فخورٌ‭ ‬جدّاً‭ ‬بالمواطنة‭ ‬الأردنيّة‭ ‬الدكتورة‭ ‬ريما‭ ‬خلف،‭ ‬الأمينة‭ ‬العامة‭ ‬للجنة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لغرب‭ ‬آسيا‭ ‬‮«‬إسكوا‮»‬‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬استقالت‭ ‬من‭ ‬منصبها‭ ‬احتجاحاً‭ ‬على‭ ‬ضغوطٍ،‭ ‬لسحب‭ ‬تقريرٍ‭ ‬علميٍّ‭ ‬يُثبتُ‭ ‬بالأدلة‭ ‬القطعيّة‭ ‬أنَّ‭ ‬إسرائيل‭ ‬أقامت‭ ‬نظامَ‭ ‬فصلٍ‭ ‬عنصريٍّ‭ ‬‮«‬أبارتايد‮»‬‭.‬

الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حذفت‭ ‬التقريرَ،‭ ‬وقبلت‭ ‬الاستقالة‭. ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يُغَيِّر‭ ‬من‭ ‬الواقع،‭ ‬ولن‭ ‬يجعلَ‭ ‬من‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬كيانٍ‭ ‬عنصريٍّ‭ ‬مرفوضٍ‭ ‬سياسياً‭ ‬وأخلاقياً،‭ ‬وعلى‭ ‬مَنْ‭ ‬يسألُ‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬العمليّة‭ ‬السلميّة،‭ ‬وعن‭ ‬تعثُّر‭ ‬المفاوضات،‭ ‬أنَّ‭ ‬يتأكّدَ‭ ‬بأنَّ‭ ‬الطبيعة‭ ‬البنيوية‭ ‬لنظام‭ ‬‮«‬أبارتايد‮»‬‭ ‬يستحيلُ‭ ‬معها‭ ‬حلُّ‭ ‬الصراعِ‭ ‬الفلسطينيّ‭-‬الإسرائيليّ‭.‬

العارُ‭ ‬الذي‭ ‬تغرقُ‭ ‬فيه‭ ‬الأممُ‭ ‬المتحدة‭ ‬منذُ‭ ‬عقود،‭ ‬باتَ‭ ‬أكثر‭ ‬عمقاً‭ ‬وفضيحة،‭ ‬مع‭ ‬تبرير‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحذف‭ ‬التقرير‭. ‬يَقُولُ‭ ‬إنَّ‭ ‬‮«‬الأمرَ‭ ‬لا‭ ‬يتعلّقُ‭ ‬بمحتواه،‭ ‬إنما‭ ‬لأنَّ‭ ‬اللجنةَ‭ ‬المُعدَّة‭ ‬لم‭ ‬تُنسِّق‭ ‬مع‭ ‬مكتبه‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬حينَ‭ ‬ينفي‭ ‬ضغوطاً‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬فهو،‭ ‬وعلاوةً‭ ‬على‭ ‬أنّه‭ ‬يؤكدها،‭ ‬يُظهرُ‭ ‬مستوى‭ ‬العماء‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬العالمُ‭ ‬عقوداً‭ ‬طويلةً‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينيّ‭ ‬على‭ ‬أرضه،‭ ‬وفي‭ ‬الشتات،‭ ‬من‭ ‬كيانٍ‭ ‬تأسس‭ ‬دستوريّاً‭ ‬وقانونياً‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬العنصريّ‭.‬

التقريرُ‭ ‬سيكونُ‭ ‬مفيداً‭ ‬جدّاً‭ ‬لخندقِ‭ ‬التطرُّف‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربيّ‭ ‬والإسلاميّ‭. ‬رفضُ‭ ‬التقريرُ‭ ‬سيكونُ‭ ‬أكثرَ‭ ‬فائدةً،‭ ‬أمَّا‭ ‬الخساراتُ‭ ‬القادمة‭ ‬فستحلُّ‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولن‭ ‬يطولَ‭ ‬الوقتُ‭ ‬لكي‭ ‬تقعَ‭ ‬في‭ ‬الرفض‭ ‬والإدانة‭ ‬والعزلة‭ ‬الدوليّة،‭ ‬فثمّة‭ ‬دولٌ‭ ‬ونخبٌ‭ ‬ثقافية‭ ‬وسياسية‭ ‬وأكاديمية‭ ‬ستحلّلُ‭ ‬التقريرَ،‭ ‬وتحترم‭ ‬علميته،‭ ‬وابتعاده‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬محتوىً‭ ‬أيدولوجيّ‭.‬

وحينَ‭ ‬تتحرَّكُ‭ ‬أيُّ‭ ‬جهودٍ‭ ‬دوليّةٍ،‭ ‬لتحريك‭ ‬عمليّة‭ ‬السلام،‭ ‬ستجدُ‭ ‬أنَّ‭ ‬أيّ‭ ‬جهدٍ‭ ‬مبذول‭ ‬هو‭ ‬حراثةٌ‭ ‬في‭ ‬الريح،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تفكيك‭ ‬الأسس‭ ‬القانونية‭ ‬لنظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصريّ‭ ‬الإسرائيليّ‭.‬

كلّ‭ ‬الاحترام‭ ‬للدكتورة‭ ‬ريما‭ ‬خلف،‭ ‬ولشجاعتها‭. ‬والسؤال‭: ‬ما‭ ‬موقفُ‭ ‬الأردن‭ ‬الرسميّ‭ ‬من‭ ‬فحوى‭ ‬التقرير،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنّه‭ ‬يتحملُ‭ ‬عبئاً‭ ‬ثقيلاً،‭ ‬جراءَ‭ ‬‮«‬أبارتايد‮»‬‭ ‬أقامَ‭ ‬معه‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام،‭ ‬ولا‭ ‬تزالُ‭ ‬ملفاتها‭ ‬مفتوحةً‭ ‬على‭ ‬الشكوكِ‭ ‬والخسارات؟‭!‬