معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬تاريخ‭ ‬مشرق‭ ‬ونصر‭ ‬وشهادة


أنباء الوطن -

‭ ‬

‭-‬اعداد‭ ‬التوجيه‭ ‬المعنوي

‭- ‬الكرامة‭ ‬يوم‭ ‬خالد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬امتنا‭ ‬ولها‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبناء‭ ‬الأسرة‭ ‬الأردنية‭ ‬الواحدة‭ ‬أعظم‭ ‬الذكرى‭ ‬والاعتزاز‭ ‬والفخار،‭ ‬ففي‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬آذار‭ ‬وقبل‭ ‬49‭ ‬عاما،‭ ‬سطر‭ ‬ابطال‭ ‬جيشنا‭ ‬العربي‭ ‬بدمائهم‭ ‬الزكية‭ ‬أروع‭ ‬ملحمة‭ ‬بطولية،‭ ‬وسجلوا‭ ‬أول‭ ‬نصر‭ ‬تاريخي‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتغطرس،‭ ‬فحطموا‭ ‬أسطورته‭ ‬وغروره،‭ ‬ونقشت‭ ‬الكرامة‭ ‬الخالدة‭ ‬بطولة‭ ‬جنود‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭  ‬وعانقت‭ ‬أمجاد‭ ‬أجدادنا‭ ‬في‭ ‬حطين‭ ‬واليرموك‭ ‬وعين‭ ‬جالوت،وظل‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬عبر‭ ‬تاريخه‭ ‬المجيد‭ ‬المثل‭ ‬للتضحية‭ ‬والبطولة،تفخر‭ ‬به‭ ‬الامة‭ ‬وتتباهى‭ ‬فاستحق‭ ‬منا‭ ‬التبجيل‭ ‬والمهابة‭ ‬وأن‭ ‬نحيي‭ ‬صنائعه‭ ‬البيض،‭ ‬ومواقفه‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬الذود‭ ‬عن‭ ‬حياض‭ ‬الوطن‭ ‬وشرف‭ ‬الأمة‭.‬

معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬سجل‭ ‬المجد‭ ‬وكتاب‭ ‬الخالدين‭ ‬سطر‭ ‬خلالها‭ ‬نشامى‭ ‬الجيش‭ ‬العربي،‭ ‬انصع‭ ‬البطولات،‭ ‬وأجمل‭ ‬الانتصارات‭ ‬على‭ ‬ثرى‭ ‬الأردن‭ ‬الطهور،‭ ‬وظلت‭ ‬أرواح‭ ‬الشهداء‭ ‬تحوم‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الأردن،‭ ‬فوق‭ ‬سهوله‭ ‬وهضابه‭ ‬وغوره‭ ‬وجباله،‭ ‬وتسلم‭ ‬على‭ ‬المرابطين‭ ‬فوق‭ ‬ثراه‭ ‬الطهور،‭ ‬ويتفتح‭ ‬دحنون‭ ‬غور‭ ‬الكرامة‭ ‬على‭ ‬نجيع‭ ‬دمهم‭ ‬الزكي،‭ ‬وتسري‭ ‬في‭ ‬العروق‭ ‬رعشة‭ ‬الفرح‭ ‬بالنصر‭ ‬ونشوة‭ ‬الافتخار‭ ‬بهذا‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬الهاشمي‭.‬

أهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬غزوها‭ ‬للأرض‭ ‬الأردنية‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬بما‭ ‬يلي‭:   ‬1‭. ‬تحطيم‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬للقوات‭ ‬الأردنية‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية‭ ‬وزعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسها‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬حزيران،‭ ‬حيث‭ ‬بقيت‭ ‬قواتنا‭ ‬ثابتة‭ ‬بحيويتها‭ ‬ونشاطها‭ ‬وتصميمها‭ ‬على‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إزالة‭ ‬آثار‭ ‬العدوان،‭ ‬وكانت‭ ‬القيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأردني‭ ‬تشتت‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬حزيران،‭ ‬فأخطأت‭ ‬التقدير‭ ‬لأن‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التنظيم‭ ‬وبسرعة‭ ‬فائقة،‭ ‬واحتلت‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية‭ ‬لنهر‭ ‬الأردن‭ ‬لتبقى‭ ‬روح‭ ‬القتال‭ ‬والتصميم‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬درجاتها‭.‬

2‭. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬اسرائيل‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬قامت‭ ‬بالهجوم‭ ‬لتدمير‭ ‬قوة‭ ‬المقاومين‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬كان‭ ‬مغايرا‭ ‬تماماً‭ ‬لهذا‭ ‬الإعلان،‭ ‬فالهدف‭ ‬كان‭ ‬احتلال‭ ‬المرتفعات‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ (‬البلقاء‭)‬،‭ ‬والاقتراب‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬عمان‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية‭ ‬لقبول‭ ‬شروط‭ ‬الاستسلام‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬حدودها‭ ‬بضم‭ ‬أجزاء‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬إليه‭.‬

3‭. ‬محاولة‭ ‬احتلال‭ ‬أراض‭ ‬أردنية‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭ ‬والتشبث‭ ‬بها‭ ‬بقصد‭ ‬المساومة‭ ‬عليها،‭ ‬وذلك‭ ‬نظراً‭ ‬للأهمية‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬لهذه‭ ‬المرتفعات‭ ‬الأردنية‭ ‬ولزيادة‭ ‬العمق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

4‭. ‬ضمان‭ ‬الأمن‭ ‬والهدوء‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬خط‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مع‭ ‬الأردن‭.‬

5‭. ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬مؤثرة‭ ‬وقوية‭ ‬للقوات‭ ‬الأردنية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬توفر‭ ‬الحماية‭ ‬والدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬للمقاومين‭ ‬العرب‭.‬

6‭. ‬زعزعة‭ ‬المعنوية‭ ‬لدى‭ ‬الأردنيين‭ ‬القاطنين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأغوار،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نزوحهم‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬ومزارعهم‭ ‬ليشكلوا‭ ‬أعباء‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الدولة،‭ ‬وحرمان‭ ‬المقاومة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬قواعد‭ ‬لها‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

7‭. ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية‭ ‬للجيش‭ ‬والشعب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬التجانس‭ ‬بين‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬هجرات‭ ‬صهيونية‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬والتخوف‭ ‬من‭ ‬إحاطة‭ ‬العرب‭ ‬بهم،‭ ‬فأراد‭ ‬العدو‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بهذه‭ ‬العملية‭ ‬لإزالة‭ ‬حالة‭ ‬الرعب‭ ‬السائدة‭ ‬بين‭ ‬قطاعات‭ ‬الجيش‭ ‬والشعب‭ ‬اليهودي‭.‬

8‭. ‬الأطماع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالمرتفعات‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العسكرية‭ ‬والإستراتيجية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬فمناطق‭ ‬الأغوار‭ ‬غنية‭ ‬بالمصادر‭ ‬المائية‭ ‬والزراعية‭ ‬وتشكل‭ ‬مصدراً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬استراتيجيا‭ ‬مهماً‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأردن‭.‬

وصف‭ ‬مكان‭ ‬المعركة‭: ‬لموقع‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬أهميةٌ‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الدينية،‭ ‬فهي‭ ‬تمثل‭ ‬أرض‭ ‬الرباط‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬ضمن‭ ‬منطقة‭ ‬بلاد‭ ‬الشام،‭ ‬امتثالاً‭ ‬لقول‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬‮«‬بلاد‭ ‬الشام‭ ‬في‭ ‬الرباط‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لوجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المساجد‭ ‬وأضرحة‭ ‬الصحابة‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأغوار،‭ ‬مثل‭ ‬أبي‭ ‬عبيدة‭ ‬عامر‭ ‬بن‭ ‬الجراح‭ ‬وشرحبيل‭ ‬بن‭ ‬حسنة‭ ‬ومعاذ‭ ‬بن‭ ‬جبل‭.‬

أما‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الجغرافية‭ ‬والإستراتيجية،‭ ‬فإنها‭ ‬تشكل‭ ‬نقطة‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬فهي‭ ‬أشبه‭ ‬ببوابة‭ ‬تعبر‭ ‬منها‭ ‬الجيوش‭ ‬الذاهبة‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬هذه‭ ‬الجيوش‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬والشمال‭ ‬أم‭ ‬الجنوب،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬مسرحاً‭ ‬لمعارك‭ ‬فاصلة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وبوابة‭ ‬للانتصارات‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬للأمة‭ ‬هيبتها‭ ‬وكرامتها‭ ‬ومكانتها‭ ‬ونشر‭ ‬رسالة‭ ‬الحق‭ ‬والعدل‭ ‬والإنسانية‭ ‬كمعركة‭ ‬حطين‭ ‬وعين‭ ‬جالوت‭.‬

ومنطقة‭ ‬غور‭ ‬الأردن‭ ‬منطقة‭ ‬منخفضة‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬سلسلتين‭ ‬جبليتين‭ ‬متناسقتين،‭ ‬هما‭ ‬سلسلة‭ ‬الجبال‭ ‬الغربية‭ ‬وسلسلة‭ ‬الجبال‭ ‬الشرقية،‭ ‬وهي‭ ‬غنية‭ ‬بالمصادر‭ ‬الزراعية‭ ‬والمائية‭ ‬والأشجار،‭ ‬فتنتج‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفواكه‭ ‬وهي‭ ‬مناطق‭ ‬رعوية‭ ‬جيدة،‭ ‬أما‭ ‬مصادرها‭ ‬المائية‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭ ‬–‭ ‬بحيرة‭ ‬طبريا‭ ‬–‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬وقناة‭ ‬الغور‭ ‬الشرقية‭ ‬،‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العيون‭ ‬المائية‭ ‬والبرك‭ ‬والآبار،‭ ‬فالغور‭ ‬عصب‭ ‬الحياة‭ ‬الزراعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأردن‭.‬

يقع‭ ‬في‭ ‬الغور‭ ‬طريق‭ ‬عرضاني‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬الحمة‭ ‬الأردنية‭ ‬وحتى‭ ‬العقبة،‭ ‬أما‭ ‬الطرق‭ ‬الواصلة‭ ‬بين‭ ‬المرتفعات‭ ‬الشرقية‭ ‬والغربية‭ ‬فهي‭ ‬الجسور‭ (‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حسين،‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله،‭ ‬جسر‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭)‬،‭ ‬وتتميز‭ ‬المنطقة‭ ‬بشقيها‭ ‬الشرقي‭ ‬والغربي‭ ‬بصعوبة‭ ‬المواصلات‭ ‬ووعورة‭ ‬المسالك‭ ‬والارتفاعات‭ ‬الشاهقة‭ ‬ووجود‭ ‬الأشجار‭ ‬والمقاطع‭ ‬الصخرية‭ ‬المنحدرة،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬حيث‭ ‬مكامن‭ ‬الأفراد‭ ‬ضد‭ ‬الآليات‭ ‬وإعاقة‭ ‬حركتها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭.‬

‭* ‬الكرامة‭ ‬حطمت‭ ‬آمال‭ ‬العدو‭ ‬وأسطورة‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭: ‬قوات‭ ‬الطرفين‭: ‬1‭. ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭: ‬نتيجة‭ ‬للمعلومات‭ ‬التي‭ ‬توفرت‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الاستخبارات‭ ‬ومشاهدة‭ ‬أرض‭ ‬المعركة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تقدر‭ ‬بفرقة‭ ‬مدرعة‭ (+) ‬مع‭ ‬أسلحتها‭ ‬المساندة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬وكما‭ ‬يلي‭: ‬أ‭. ‬اللواء‭ ‬المدرع‭ ‬7‭.‬

ب‭. ‬اللواءالمدرع60‭.‬

جـ‭. ‬لواء‭ ‬المشاة‭ ‬الآلي80‭.‬

د‭. ‬كتيبة‭ ‬مظليين‭ ‬من‭ ‬لواء‭ ‬المظليين35‭.‬

هـ‭. ‬خمس‭ ‬كتائب‭ ‬مدفعية‭ ‬ميدان‭ ‬ومدفعية‭ ‬ثقيلة‭.‬

و‭. ‬أربعة‭ ‬أسراب‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬ميراج،‭ ‬مستير‭.‬

ز‭. ‬عدد‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬الهيلوكبتر‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬كتيبتين‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭.‬

ح‭. ‬كتيبة‭ ‬هندسة‭ ‬مدرعة‭.‬

2‭. ‬القوات‭ ‬الأردنية‭: ‬فرقة‭ ‬المشاة‭ ‬الأولى‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬الوسطى‭ ‬والجنوبية‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬سيل‭ ‬الزرقاء‭ ‬شمالاً‭ ‬وحتى‭ ‬العقبة‭ ‬جنوباً‭ ‬وكانت‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

أ‭. ‬لواء‭ ‬حطين‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬ناعور‭.‬

ب‭. ‬لواء‭ ‬الأميرة‭ ‬عالية‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬وادي‭ ‬شعيب‭.‬

جـ‭. ‬لواء‭ ‬القادسية‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬العارضة‭.‬

د‭.  ‬يساند‭ ‬لواء‭ ‬الأمير‭ ‬الحسن‭ ‬بن‭ ‬طلال‭ ‬المدرع‭ ‬60،‭ ‬فرقة‭ ‬المشاة‭ ‬الأولى‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬إحدى‭  ‬كتائبه‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬الألوية‭ ‬وكتيبة‭ ‬بدور‭ ‬الاحتياط‭ ‬للجيش‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬طبربور‭.‬

هـ‭. ‬تساند‭ ‬الفرقة‭ ‬ثلاث‭ ‬كتائب‭ ‬مدفعية‭ ‬ميدان‭ ‬وسرية‭ ‬مدفعية‭ ‬ثقيلة‭.‬

و‭. ‬تساند‭ ‬الفرقة‭ ‬كتيبة‭ ‬هندسة‭ ‬ميدان‭.‬

مقتربات‭ ‬القتال‭ ‬بدأت‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬الخالدة‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ (‬0530‭) ‬من‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬آذار‭ ‬1968،‭ ‬واستمرت‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مجرى‭ ‬الحوادث‭ ‬وتحليل‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المهاجمة‭ ‬بنت‭ ‬خطتها‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مقتربات‭ ‬رئيسية‭ ‬ومقترب‭ ‬رابع‭ ‬تضليلي،‭ ‬لتشتيت‭ ‬جهد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬المقتربات‭ ‬تؤدي‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬الأرض‭ ‬والطرق‭ ‬المعبدة‭ ‬إلى‭ ‬مرتفعات‭ ‬السلط‭ ‬وعمان‭ ‬والكرك،‭ ‬وكانت‭ ‬المقتربات‭ ‬كالتالي‭:‬

1‭. ‬مقترب‭ ‬العارضة‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ (‬داميا‭) ‬إلى‭ ‬مثلث‭ ‬المصري‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬العارضة‭ ‬الرئيسي‭ ‬إلى‭ ‬السلط‭.‬

2‭. ‬مقترب‭ ‬وادي‭ ‬شعيب‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬إلى‭ ‬الشونة‭ ‬الجنوبية،‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الرئيسي‭ ‬المحاذي‭ ‬لوادي‭ ‬شعيب‭ ‬ثم‭ ‬السلط‭.‬

3‭. ‬مقترب‭ ‬سويمة‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الأمير‭ ‬عبدالله‭ ‬إلى‭ ‬غور‭ ‬الرامة‭ ‬إلى‭ ‬ناعور‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬عمان‭.‬

4‭. ‬محور‭ ‬غور‭ ‬الصافي‭: ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬إلى‭ ‬غور‭ ‬الصافي‭ ‬وغور‭ ‬المزرعة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الرئيسي‭ ‬حتى‭ ‬الكرك‭.‬

وقد‭ ‬استخدم‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مقترب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المقتربات،‭ ‬مجموعات‭ ‬قتال‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬المشاة‭ ‬المنقولة‭ ‬بالآليات‭ ‬نصف‭ ‬المجنزرة‭ ‬والدبابات،‭ ‬تساندهم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مقترب‭ ‬مدفعية‭ ‬الميدان‭ ‬والمدفعية‭ ‬الثقيلة‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬أسلحتها‭ ‬المساندة‭ ‬المقاومة‭ ‬للدروع‭ ‬من‭ ‬مدافع‭ ‬106ملم‭ ‬والهاون‭ ‬مع‭ ‬إسناد‭ ‬جوي‭ ‬كثيف‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المقتربات‭.‬

ونظراً‭ ‬لغرور‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬الحاكم‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بدعوة‭ ‬رؤساء‭ ‬البلديات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬إلى‭ ‬قيادته،‭ ‬وأبلغهم‭ ‬أنهم‭ ‬مدعوون‭ ‬لتناول‭ ‬طعام‭ ‬الغداء‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬والسلط،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬الهوس‭ ‬أن‭ ‬يقهر،‭ ‬لولا‭ ‬وقفة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬حيث‭ ‬قاتل‭ ‬رجاله‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬وتضحية‭ ‬مستخدماً‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬له‭ ‬بأفضل‭ ‬السبل‭.‬

ونجد‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬خطط‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقترب،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬مدى‭ ‬الحاجة‭ ‬لهذه‭ ‬المقتربات‭ ‬لاستيعاب‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬وبشكل‭ ‬يسمح‭ ‬بإيصال‭ ‬أكبر‭ ‬حجم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القوات‭ ‬وعلى‭ ‬اختلاف‭ ‬أنواعها‭ ‬وتسليحها‭ ‬وطبيعتها‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية،‭ ‬لإحداث‭ ‬خرق‭ ‬ناجح‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬يتم‭ ‬البناء‭ ‬عليه‭ ‬لاحقاً‭ ‬ودعمه‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭.‬

وكانت‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬جبهة‭ ‬المعركة‭ ‬وتعدد‭ ‬المقتربات،‭ ‬تشتيت‭ ‬الجهد‭ ‬الدفاعي‭ ‬لمواقع‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬وتضليلها‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الرئيسي،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬كانت‭ ‬قوات‭ ‬منظمة‭ ‬أقامت‭ ‬دفاعها‭ ‬على‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الدفاعية‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬وحتى‭ ‬عمق‭ ‬المنطقة‭ ‬الدفاعية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يجعل‭ ‬اختراقها‭ ‬سهلاً‭ ‬أمام‭ ‬المهاجم،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يتصور،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬المعركة‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

‭* ‬الملك‭ ‬الحسين‭: ‬فلقد‭ ‬كنتم‭ ‬جميعاً‭ ‬والله‭ ‬أمثولةً‭ ‬يعز‭ ‬لها‭ ‬النظير‭ ‬في‭ ‬العزم‭ ‬والإيمان‭ ‬جيشنا‭ ‬العربي‭ ‬ومعركة‭ ‬النصر‭ ‬والثبات‭ ‬لقد‭ ‬لعب‭ ‬سلاحا‭ ‬المدفعية‭ ‬والدروع‭ ‬الملكي‭ ‬وقناصو‭ ‬الدروع‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة،‭ ‬وعلى‭ ‬طول‭ ‬الجبهة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬جسور‭ ‬العبور،‭ ‬ما‭ ‬منع‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬أية‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬لإسناد‭ ‬هجومه‭ ‬الذي‭ ‬بدأه،‭ ‬وذلك‭ ‬نظراً‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬المعركة،‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المهاجمة‭ ‬لعنصر‭ ‬المفاجأة،‭ ‬وساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬زخم‭ ‬الهجوم‭ ‬وعزل‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭ ‬وبشكل‭ ‬سهل‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬واستيعابها‭ ‬وتدميرها،‭ ‬وقد‭ ‬استمر‭ ‬دور‭ ‬سلاح‭ ‬الدروع‭ ‬والمدفعية‭ ‬الملكي‭ ‬وجميع‭ ‬الأسلحة‭ ‬المشاركة‭ ‬وعناصر‭ ‬المشاة‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬طيلة‭ ‬المعركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حرمان‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬القديمة،‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬المعركة،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬قد‭ ‬خاضها‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬وهو‭ ‬واثق‭ ‬من‭ ‬نفسه،‭ ‬وأن‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬بذل‭ ‬خلالها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬جهداً‭ ‬ارتجالياً‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬جهداً‭ ‬دفاعياً‭ ‬شرساً‭ ‬ومخططاً‭ ‬بتركيز‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬نقاط‭ ‬التقتيل‭ ‬للقوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬لكسر‭ ‬حدة‭ ‬زخمها‭ ‬وإبطاء‭ ‬سرعة‭ ‬هجومها‭.‬

توقيت‭ ‬بدء‭ ‬معركة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬بدأ‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬قتاله‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬شرارتها‭ ‬الأولى‭ ‬وتقدم‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬اللواء‭ ‬مشهور‭ ‬حديثة‭: ‬‮«‬‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ (‬0520‭) ‬أبلغني‭ ‬الركن‭ ‬المناوب‭ ‬أن‭ ‬العدو‭ ‬يحاول‭ ‬اجتياز‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حسين،‭ ‬فأبلغته‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬الأمر‭ ‬بفتح‭ ‬النار‭ ‬المدمرة‭ ‬على‭ ‬حشود‭ ‬العدو‮»‬،‭ ‬لذلك‭ ‬كسب‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬مفاجأة‭ ‬النار‭ ‬عند‭ ‬بدء‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ولو‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لأتاح‭ ‬للقوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬مقتربات‭ ‬الهجوم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حجم‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬دفعها‭ ‬وطبيعتها،‭ ‬وسرعة‭ ‬وزخم‭ ‬هجومها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سهولة‭ ‬الحركة‭ ‬فوق‭ ‬الجسور‭ ‬القائمة‭.‬

لقد‭ ‬استطاعت‭ ‬القوات‭ ‬الأردنية‭ ‬وخاصة‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية،‭ ‬حرمان‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬العبور‭ ‬حسب‭ ‬المقتربات‭ ‬المخصصة‭ ‬لها،‭ ‬ودليل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تكاملت‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭ ‬كانت‭ ‬بحجم‭ ‬فرقة‭ ‬وهي‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬وبعدها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬من‭ ‬زج‭ ‬أية‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬شرقي‭ ‬النهر،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬محاولتهم‭ ‬المستميتة‭ ‬للبناء‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬التي‭ ‬دمرت،‭ ‬ومحاولة‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬حديدية‭ ‬لإدامة‭ ‬زخم‭ ‬الهجوم‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة،‭ ‬مما‭ ‬أربك‭ ‬المهاجمين‭ ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬حيرتهم‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شراسة‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬ومقاومتها‭ ‬الشديدة‭.‬

طلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لقد‭ ‬لجأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والنصف‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬المعركة،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬واجهتهم‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬بحجم‭ ‬التحدي‭ ‬وكانت‭ ‬المعركة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬معركة‭ ‬وجود‭ ‬ومعركة‭ ‬حياة‭ ‬أو‭ ‬موت‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العسكري،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭ ‬فقد‭ ‬أصر‭ ‬الأردن‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬جلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الملك‭ ‬الحسين‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬على‭ (‬عدم‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جندياً‭ ‬إسرائيلياً‭ ‬واحداً‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يثبت‭ ‬وبدون‭ ‬أدنى‭ ‬شك،‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬كانت‭ ‬معركة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬قيادته‭ ‬العليا‭ ‬تديرها‭ ‬وتتابع‭ ‬مجرياتها‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة،‭ ‬وأن‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬طلبه‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المعركة‭ ‬دليلٌ‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬ناصية‭ ‬الأمر‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬المعركة‭ ‬والتحكم‭ ‬بمجرياتها‭.‬

حينما‭ ‬طلبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقف‭ ‬أطلاق‭ ‬النار‭ ‬بعد‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المعركة،‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬شراسة‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬للجيش‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬خطط‭ ‬معركته‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقييم‭ ‬قدرات‭ ‬العدو‭ ‬المقابلة‭ ‬له،‭ ‬وحينما‭ ‬رفض‭ ‬الأردن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬معمعة‭ ‬المعركة‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬شرارتها‭ ‬الأولى،‭ ‬ويعلم‭ ‬تمام‭ ‬العلم‭ ‬كيف‭ ‬تسير‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬قواته‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬بحزم،‭ ‬وأن‭ ‬قيادته‭ ‬العليا‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬النصر‭ ‬المؤزر‭ ‬قريباً‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صبر‭ ‬ساعة،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬أجهضت‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬وفوتت‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬برفضها‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬بثاقب‭ ‬بصيرتها‭ ‬وحنكتها‭ ‬ما‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منهم‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬النتائج‭ ‬الحتمية‭ ‬التي‭ ‬أصبحوا‭ ‬يعلمونها‭ ‬ويرونها،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬قد‭ ‬فاتهم‭ ‬وأنه‭ ‬أصبح‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬العربي،‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الأبعد‭ ‬فإن‭ ‬بصيرة‭ ‬القيادة‭ ‬الثاقبة‭ ‬وحنكتها‭ ‬أيضاً‭ ‬تؤكد‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬السيادة‭ ‬كان‭ ‬محسوماً‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الأردنية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مقابلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬ولها‭ ‬قرار‭ ‬سيادي‭ ‬وسياسي‭ ‬يقرر‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬سير‭ ‬المعركة‭.‬

الإنزال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬ومعركة‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬الإنزال‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬شرقي‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة،‭ ‬كانت‭ ‬الغاية‭ ‬منها‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬قواتها‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬شرقي‭ ‬النهر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتدمير‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬زج‭ ‬أي‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬عبر‭ ‬الجسور،‭ ‬نظراً‭ ‬لتدميرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية‭ ‬الملكي،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الخطط‭ ‬الدفاعية‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬محكمة،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬نجاحها‭ ‬الإسناد‭ ‬المدفعي‭ ‬الكثيف‭ ‬والدقيق،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صمود‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وفي‭ ‬عمقها‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬الإنزال‭ ‬شرق‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬عملية‭ ‬محدودة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قسم‭ ‬من‭ ‬الفدائيين‭ ‬يعملون‭ ‬فيها‭ ‬كقاعدة‭ ‬انطلاق‭ ‬للعمل‭ ‬الفدائي‭ ‬أحياناً‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬قام‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بتدمير‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اشتبكوا‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الأردنية‭ ‬والمقاتلين‭ ‬من‭ ‬الفدائيين‭ ‬الموجودين‭ ‬هناك‭ ‬وتطور‭ ‬الامر‭ ‬لاستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الابيض‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬انزالها‭.‬

‭* ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭: ‬نصر‭ ‬الكرامة‭ ‬أذهل‭ ‬العدو‭ ‬وأجبره‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالهزيمة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخه

نتائج‭ ‬المعركة‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬أحداث‭ ‬المعركة،‭ ‬كان‭ ‬العدو‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬عملياته‭ ‬العسكرية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬شرع‭ ‬بهذه‭ ‬العمليات‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المقتربات‭ ‬والمحاور،‭ ‬وعاد‭ ‬يجر‭ ‬أذيال‭ ‬الخيبة‭ ‬والفشل،‭ ‬فتحطمت‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬المعركة‭ ‬أمام‭ ‬صخرة‭ ‬الصمود‭ ‬الأردني،‭ ‬ليثبت‭ ‬للعدو‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بأنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬المعركة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬تحطيم‭ ‬محاولات‭ ‬العدو‭ ‬المستمرة‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬وصموده،‭ ‬وأثبت‭ ‬الجندي‭ ‬الأردني‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬القتال‭ ‬لديه‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬التصميم‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬معارك‭ ‬البطولة‭ ‬والشرف‭ ‬والإقدام‭ ‬والتضحية‭.‬

وفي‭ ‬كلمته‭ ‬التاريخية‭ ‬قال‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬طلال‭ ‬–‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ - ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للمعركة‭:‬‮»‬‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬يا‭ ‬إخوتي،‭ ‬فإن‭ ‬الصلف‭ ‬والغرور‭ ‬يؤديان‭ ‬إلى‭ ‬الهزيمة،‭ ‬وإن‭ ‬الإيمان‭ ‬بالله‭ ‬والتصميم‭ ‬على‭ ‬الثبات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التضحية‭ ‬هما‭ ‬الطريق‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬النصر،‭ ‬وإن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬ووضوح‭ ‬الغاية‭ ‬ونبل‭ ‬الهدف‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬منحتنا‭ ‬الراحة‭ ‬حين‭ ‬نقرر‭ ‬أننا‭ ‬ثابتون‭ ‬صامدون‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬مصممون‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬نتزحزح‭ ‬ولا‭ ‬نتراجع‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التحديات‭ ‬والصعاب‮»‬‭.‬

وفشل‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬مخططاته‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وتركت‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬القتال،‭ ‬وهي‭ ‬احتلال‭ ‬المرتفعات‭ ‬الشرقية‭ ‬ودعوة‭ ‬الصحفيين‭ ‬لتناول‭ ‬طعام‭ ‬الغداء‭ ‬في‭ ‬عمان‭.‬

كما‭ ‬جسدت‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬أهمية‭ ‬الإرادة‭ ‬لدى‭ ‬الجندي‭ ‬العربي،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬متقنة‭ ‬وذات‭ ‬كفاءة‭ ‬عالية‭ ‬وساهمت‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬ونجاح‭ ‬المعركة،‭ ‬كما‭ ‬أبرزت‭ ‬أهمية‭ ‬الإعداد‭ ‬المعنوي‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإعداد‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬فمعنويات‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬مرتفعة‭ ‬حيث‭ ‬ترقبوا‭ ‬يوم‭ ‬الثأر‭ ‬والانتقام‭ ‬من‭ ‬عدوهم‭ ‬وانتظروا‭ ‬ساعة‭ ‬الصفر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الظلم‭ ‬والاستبداد‭.‬

وأبرزت‭ ‬المعركة‭ ‬حسن‭ ‬التخطيط‭ ‬والتحضير‭ ‬والتنفيذ‭ ‬الجيد‭ ‬لدى‭ ‬الجيش‭ ‬العربي،‭ ‬مثلما‭ ‬أبرزت‭ ‬أهمية‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬العدو‭ ‬بتحقيق‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬نظراً‭ ‬لقوة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأردنية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تراقب‭ ‬الموقف‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬وتبعث‭ ‬بالتقارير‭ ‬لذوي‭ ‬الاختصاص،‭ ‬حيث‭ ‬تمحص‭ ‬وتحلل‭ ‬النتائج‭ ‬فتنبأت‭ ‬بخبر‭ ‬العدوان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬مما‭ ‬أعطى‭ ‬فرصة‭ ‬للتجهيز‭ ‬والوقوف‭ ‬في‭ ‬وجهها‭.‬

خسائر‭ ‬الطرفين

قواتنا‭ ‬الباسلة‭:‬

86‭ ‬شهيداً‭ ‬و108‭ ‬جرحى،‭ ‬تدمير‭ ‬13‭ ‬دبابة‭ ‬و‭ ‬39‭ ‬آلية‭ ‬مختلفة

خسائر‭ ‬القوات‭ ‬الاسرائيلية‭:‬

250‭ ‬قتيلا‭ ‬و‭ ‬450جريحاً،‭ ‬وتم‭ ‬تدمير‭ ‬88‭ ‬آلية‭ ‬مختلفة‭ ‬شملت‭ ‬47‭ ‬دبابة‭ ‬و18‭ ‬ناقلة‭ ‬و24‭ ‬سيارة‭ ‬مسلحة‭ ‬و‭ ‬19‭ ‬سيارة‭ ‬شحن‭ ‬وإسقاط‭ ‬7‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭.‬

‭* ‬قالوا‭ ‬في‭ ‬المعركة

‭- ‬الديلي‭ ‬تلغراف‭: ‬اتضح‭ ‬أمران‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الكرامة،‭ ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أخطأوا‭ ‬في‭ ‬حساباتهم‭ ‬خطئاً‭ ‬فادحاً،‭ ‬إذ‭ ‬أنهم‭ ‬واجهوا‭ ‬مقاومة‭ ‬أعنف‭ ‬مما‭ ‬كانوا‭ ‬يتوقعون،‭ ‬والثاني‭ ‬أن‭ ‬هجومهم‭ ‬على‭ ‬الكرامة‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬شيئاً‭.‬

‭- ‬نيوزويك‭ ‬الأمريكية‭: ‬لقد‭ ‬قاوم‭ ‬الجيش‭ ‬الأردني‭ ‬المعتدين‭ ‬بضراوة‭ ‬وتصميم،‭ ‬وإن‭ ‬نتائج‭ ‬المعركة‭ ‬جعلت‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬بطل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ - ‬حاييم‭ ‬بارليف‭ / ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأسبق‭: ‬أما‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬عدد‭ ‬الإصابات‭ ‬بين‭ ‬قواتنا،‭ ‬فقدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬هجومها‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬الأردن‭ ‬آليات‭ ‬عسكرية‭ ‬تعادل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬فقدته‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬حزيران‭.‬

‭- ‬عضو‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬شلومو‭ ‬جروسك‭: ‬لا‭ ‬يساورنا‭ ‬الشك‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬بين‭ ‬جنودنا،‭ ‬لقد‭ ‬برهنت‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬شيئاً‭ ‬ولم‭ ‬تحل‭ ‬النزاع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

‭- ‬المقدم‭ (‬أهارون‭ ‬بيلد‭) ‬قائد‭ ‬إحدى‭ ‬المجموعات‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭: ‬لقد‭ ‬شاهدت‭ ‬قصفاً‭ ‬شديداً‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أرى‭ ‬شيئاً‭ ‬كهذا‭ ‬من‭ ‬قبل،لقد‭ ‬أصيبت‭ ‬معظم‭ ‬دباباتي‭.‬

‭- ‬المارشال‭ ‬جريشكو‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬السوفييتية‭: ‬لقد‭ ‬شكلت‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العسكرية‭ ‬العربية‭.‬

‭- ‬المستر‭ ‬جون‭ ‬بورينته‭ / ‬المراسل‭ ‬الخاص‭ ‬لوكالة‭ ‬اليونايتد‭ ‬برس‭: ‬إن‭ ‬التقارير‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬أحرز‭ ‬نصراً‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭.‬

‭* ‬الكرامة‭ ‬حطمت‭ ‬آمال‭ ‬العدو‭ ‬وأسطورة‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭: ‬قوات‭ ‬الطرفين‭: ‬1‭. ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭: ‬نتيجة‭ ‬للمعلومات‭ ‬التي‭ ‬توفرت‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الاستخبارات‭ ‬ومشاهدة‭ ‬أرض‭ ‬المعركة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تقدر‭ ‬بفرقة‭ ‬مدرعة‭ (+) ‬مع‭ ‬أسلحتها‭ ‬المساندة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬وكما‭ ‬يلي‭: ‬أ‭. ‬اللواء‭ ‬المدرع‭ ‬7‭.‬

ب‭. ‬اللواءالمدرع60‭.‬

جـ‭. ‬لواء‭ ‬المشاة‭ ‬الآلي80‭.‬

د‭. ‬كتيبة‭ ‬مظليين‭ ‬من‭ ‬لواء‭ ‬المظليين35‭.‬

هـ‭. ‬خمس‭ ‬كتائب‭ ‬مدفعية‭ ‬ميدان‭ ‬ومدفعية‭ ‬ثقيلة‭.‬

و‭. ‬أربعة‭ ‬أسراب‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬ميراج،‭ ‬مستير‭.‬

ز‭. ‬عدد‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬الهيلوكبتر‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬كتيبتين‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭.‬

ح‭. ‬كتيبة‭ ‬هندسة‭ ‬مدرعة‭.‬

2‭. ‬القوات‭ ‬الأردنية‭: ‬فرقة‭ ‬المشاة‭ ‬الأولى‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬الوسطى‭ ‬والجنوبية‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬سيل‭ ‬الزرقاء‭ ‬شمالاً‭ ‬وحتى‭ ‬العقبة‭ ‬جنوباً‭ ‬وكانت‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬أ‭. ‬لواء‭ ‬حطين‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬ناعور‭.‬

ب‭. ‬لواء‭ ‬الأميرة‭ ‬عالية‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬وادي‭ ‬شعيب‭.‬

جـ‭. ‬لواء‭ ‬القادسية‭ ‬يحتل‭ ‬مواقع‭ ‬دفاعية‭ ‬على‭ ‬مقترب‭ ‬العارضة‭.‬

د‭. ‬يساند‭ ‬لواء‭ ‬الأمير‭ ‬الحسن‭ ‬بن‭ ‬طلال‭ ‬المدرع‭ ‬60،‭ ‬فرقة‭ ‬المشاة‭ ‬الأولى‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬إحدى‭ ‬كتائبه‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬الألوية‭ ‬وكتيبة‭ ‬بدور‭ ‬الاحتياط‭ ‬للجيش‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬طبربور‭.‬

هـ‭. ‬تساند‭ ‬الفرقة‭ ‬ثلاث‭ ‬كتائب‭ ‬مدفعية‭ ‬ميدان‭ ‬وسرية‭ ‬مدفعية‭ ‬ثقيلة‭.‬

و‭. ‬تساند‭ ‬الفرقة‭ ‬كتيبة‭ ‬هندسة‭ ‬ميدان‭.‬

مقتربات‭ ‬القتال‭ ‬بدأت‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬الخالدة‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ (‬0530‭) ‬من‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬آذار‭ ‬1968،‭ ‬واستمرت‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مجرى‭ ‬الحوادث‭ ‬وتحليل‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المهاجمة‭ ‬بنت‭ ‬خطتها‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مقتربات‭ ‬رئيسية‭ ‬ومقترب‭ ‬رابع‭ ‬تضليلي،‭ ‬لتشتيت‭ ‬جهد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬المقتربات‭ ‬تؤدي‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬الأرض‭ ‬والطرق‭ ‬المعبدة‭ ‬إلى‭ ‬مرتفعات‭ ‬السلط‭ ‬وعمان‭ ‬والكرك،‭ ‬وكانت‭ ‬المقتربات‭ ‬كالتالي‭: ‬1‭. ‬مقترب‭ ‬العارضة‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ (‬داميا‭) ‬إلى‭ ‬مثلث‭ ‬المصري‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬العارضة‭ ‬الرئيسي‭ ‬إلى‭ ‬السلط‭.‬

2‭. ‬مقترب‭ ‬وادي‭ ‬شعيب‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬إلى‭ ‬الشونة‭ ‬الجنوبية،‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الرئيسي‭ ‬المحاذي‭ ‬لوادي‭ ‬شعيب‭ ‬ثم‭ ‬السلط‭.‬

3‭. ‬مقترب‭ ‬سويمة‭: ‬من‭ ‬جسر‭ ‬الأمير‭ ‬عبدالله‭ ‬إلى‭ ‬غور‭ ‬الرامة‭ ‬إلى‭ ‬ناعور‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬عمان‭.‬

4‭. ‬محور‭ ‬غور‭ ‬الصافي‭: ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬إلى‭ ‬غور‭ ‬الصافي‭ ‬وغور‭ ‬المزرعة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الرئيسي‭ ‬حتى‭ ‬الكرك‭.‬

وقد‭ ‬استخدم‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مقترب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المقتربات،‭ ‬مجموعات‭ ‬قتال‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬المشاة‭ ‬المنقولة‭ ‬بالآليات‭ ‬نصف‭ ‬المجنزرة‭ ‬والدبابات،‭ ‬تساندهم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مقترب‭ ‬مدفعية‭ ‬الميدان‭ ‬والمدفعية‭ ‬الثقيلة‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬أسلحتها‭ ‬المساندة‭ ‬المقاومة‭ ‬للدروع‭ ‬من‭ ‬مدافع‭ ‬106ملم‭ ‬والهاون‭ ‬مع‭ ‬إسناد‭ ‬جوي‭ ‬كثيف‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المقتربات‭.‬

ونظراً‭ ‬لغرور‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬الحاكم‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بدعوة‭ ‬رؤساء‭ ‬البلديات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬إلى‭ ‬قيادته،‭ ‬وأبلغهم‭ ‬أنهم‭ ‬مدعوون‭ ‬لتناول‭ ‬طعام‭ ‬الغداء‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬والسلط،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬الهوس‭ ‬أن‭ ‬يقهر،‭ ‬لولا‭ ‬وقفة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬حيث‭ ‬قاتل‭ ‬رجاله‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬وتضحية‭ ‬مستخدماً‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬له‭ ‬بأفضل‭ ‬السبل‭.‬

ونجد‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬خطط‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقترب،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬مدى‭ ‬الحاجة‭ ‬لهذه‭ ‬المقتربات‭ ‬لاستيعاب‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬وبشكل‭ ‬يسمح‭ ‬بإيصال‭ ‬أكبر‭ ‬حجم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القوات‭ ‬وعلى‭ ‬اختلاف‭ ‬أنواعها‭ ‬وتسليحها‭ ‬وطبيعتها‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية،‭ ‬لإحداث‭ ‬خرق‭ ‬ناجح‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬يتم‭ ‬البناء‭ ‬عليه‭ ‬لاحقاً‭ ‬ودعمه‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭.‬

وكانت‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬جبهة‭ ‬المعركة‭ ‬وتعدد‭ ‬المقتربات،‭ ‬تشتيت‭ ‬الجهد‭ ‬الدفاعي‭ ‬لمواقع‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬وتضليلها‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الرئيسي،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬كانت‭ ‬قوات‭ ‬منظمة‭ ‬أقامت‭ ‬دفاعها‭ ‬على‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الدفاعية‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬وحتى‭ ‬عمق‭ ‬المنطقة‭ ‬الدفاعية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يجعل‭ ‬اختراقها‭ ‬سهلاً‭ ‬أمام‭ ‬المهاجم،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يتصور،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬المعركة‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

‭* ‬الملك‭ ‬الحسين‭: ‬فلقد‭ ‬كنتم‭ ‬جميعاً‭ ‬والله‭ ‬أمثولةً‭ ‬يعز‭ ‬لها‭ ‬النظير‭ ‬في‭ ‬العزم‭ ‬والإيمان‭ ‬جيشنا‭ ‬العربي‭ ‬ومعركة‭ ‬النصر‭ ‬والثبات‭ ‬لقد‭ ‬لعب‭ ‬سلاحا‭ ‬المدفعية‭ ‬والدروع‭ ‬الملكي‭ ‬وقناصو‭ ‬الدروع‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة،‭ ‬وعلى‭ ‬طول‭ ‬الجبهة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬جسور‭ ‬العبور،‭ ‬ما‭ ‬منع‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬أية‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬لإسناد‭ ‬هجومه‭ ‬الذي‭ ‬بدأه،‭ ‬وذلك‭ ‬نظراً‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬المعركة،‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المهاجمة‭ ‬لعنصر‭ ‬المفاجأة،‭ ‬وساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬زخم‭ ‬الهجوم‭ ‬وعزل‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭ ‬وبشكل‭ ‬سهل‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬واستيعابها‭ ‬وتدميرها،‭ ‬وقد‭ ‬استمر‭ ‬دور‭ ‬سلاح‭ ‬الدروع‭ ‬والمدفعية‭ ‬الملكي‭ ‬وجميع‭ ‬الأسلحة‭ ‬المشاركة‭ ‬وعناصر‭ ‬المشاة‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬طيلة‭ ‬المعركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حرمان‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬القديمة،‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬المعركة،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬قد‭ ‬خاضها‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬وهو‭ ‬واثق‭ ‬من‭ ‬نفسه،‭ ‬وأن‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬بذل‭ ‬خلالها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬جهداً‭ ‬ارتجالياً‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬جهداً‭ ‬دفاعياً‭ ‬شرساً‭ ‬ومخططاً‭ ‬بتركيز‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬نقاط‭ ‬التقتيل‭ ‬للقوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬لكسر‭ ‬حدة‭ ‬زخمها‭ ‬وإبطاء‭ ‬سرعة‭ ‬هجومها‭.‬

توقيت‭ ‬بدء‭ ‬معركة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬بدأ‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬قتاله‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬شرارتها‭ ‬الأولى‭ ‬وتقدم‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬اللواء‭ ‬مشهور‭ ‬حديثة‭: ‬‮«‬‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ (‬0520‭) ‬أبلغني‭ ‬الركن‭ ‬المناوب‭ ‬أن‭ ‬العدو‭ ‬يحاول‭ ‬اجتياز‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حسين،‭ ‬فأبلغته‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬الأمر‭ ‬بفتح‭ ‬النار‭ ‬المدمرة‭ ‬على‭ ‬حشود‭ ‬العدو‮»‬،‭ ‬لذلك‭ ‬كسب‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬مفاجأة‭ ‬النار‭ ‬عند‭ ‬بدء‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ولو‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لأتاح‭ ‬للقوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬مقتربات‭ ‬الهجوم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حجم‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬دفعها‭ ‬وطبيعتها،‭ ‬وسرعة‭ ‬وزخم‭ ‬هجومها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سهولة‭ ‬الحركة‭ ‬فوق‭ ‬الجسور‭ ‬القائمة‭.‬

لقد‭ ‬استطاعت‭ ‬القوات‭ ‬الأردنية‭ ‬وخاصة‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية،‭ ‬حرمان‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬العبور‭ ‬حسب‭ ‬المقتربات‭ ‬المخصصة‭ ‬لها،‭ ‬ودليل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تكاملت‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭ ‬كانت‭ ‬بحجم‭ ‬فرقة‭ ‬وهي‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬وبعدها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬القوات‭ ‬المهاجمة‭ ‬من‭ ‬زج‭ ‬أية‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬شرقي‭ ‬النهر،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬محاولتهم‭ ‬المستميتة‭ ‬للبناء‭ ‬على‭ ‬الجسور‭ ‬التي‭ ‬دمرت،‭ ‬ومحاولة‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬حديدية‭ ‬لإدامة‭ ‬زخم‭ ‬الهجوم‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة،‭ ‬مما‭ ‬أربك‭ ‬المهاجمين‭ ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬حيرتهم‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شراسة‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬ومقاومتها‭ ‬الشديدة‭.‬

طلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لقد‭ ‬لجأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والنصف‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬المعركة،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬واجهتهم‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬بحجم‭ ‬التحدي‭ ‬وكانت‭ ‬المعركة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬معركة‭ ‬وجود‭ ‬ومعركة‭ ‬حياة‭ ‬أو‭ ‬موت‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العسكري،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭ ‬فقد‭ ‬أصر‭ ‬الأردن‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬جلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الملك‭ ‬الحسين‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬على‭ (‬عدم‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جندياً‭ ‬إسرائيلياً‭ ‬واحداً‭ ‬شرقي‭ ‬النهر‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يثبت‭ ‬وبدون‭ ‬أدنى‭ ‬شك،‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬كانت‭ ‬معركة‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬قيادته‭ ‬العليا‭ ‬تديرها‭ ‬وتتابع‭ ‬مجرياتها‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة،‭ ‬وأن‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬طلبه‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المعركة‭ ‬دليلٌ‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬ناصية‭ ‬الأمر‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬المعركة‭ ‬والتحكم‭ ‬بمجرياتها‭.‬

حينما‭ ‬طلبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقف‭ ‬أطلاق‭ ‬النار‭ ‬بعد‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬المعركة،‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬شراسة‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية‭ ‬للجيش‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬خطط‭ ‬معركته‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقييم‭ ‬قدرات‭ ‬العدو‭ ‬المقابلة‭ ‬له،‭ ‬وحينما‭ ‬رفض‭ ‬الأردن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬معمعة‭ ‬المعركة‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬شرارتها‭ ‬الأولى،‭ ‬ويعلم‭ ‬تمام‭ ‬العلم‭ ‬كيف‭ ‬تسير‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬قواته‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬بحزم،‭ ‬وأن‭ ‬قيادته‭ ‬العليا‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬النصر‭ ‬المؤزر‭ ‬قريباً‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صبر‭ ‬ساعة،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬أجهضت‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬وفوتت‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬برفضها‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬بثاقب‭ ‬بصيرتها‭ ‬وحنكتها‭ ‬ما‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منهم‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬النتائج‭ ‬الحتمية‭ ‬التي‭ ‬أصبحوا‭ ‬يعلمونها‭ ‬ويرونها،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬قد‭ ‬فاتهم‭ ‬وأنه‭ ‬أصبح‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬العربي،‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الأبعد‭ ‬فإن‭ ‬بصيرة‭ ‬القيادة‭ ‬الثاقبة‭ ‬وحنكتها‭ ‬أيضاً‭ ‬تؤكد‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬السيادة‭ ‬كان‭ ‬محسوماً‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الأردنية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مقابلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬ولها‭ ‬قرار‭ ‬سيادي‭ ‬وسياسي‭ ‬يقرر‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬سير‭ ‬المعركة‭.‬

الإنزال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬ومعركة‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬الإنزال‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬شرقي‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة،‭ ‬كانت‭ ‬الغاية‭ ‬منها‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬قواتها‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬شرقي‭ ‬النهر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتدمير‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬زج‭ ‬أي‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬عبر‭ ‬الجسور،‭ ‬نظراً‭ ‬لتدميرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية‭ ‬الملكي،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الخطط‭ ‬الدفاعية‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬محكمة،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬نجاحها‭ ‬الإسناد‭ ‬المدفعي‭ ‬الكثيف‭ ‬والدقيق،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صمود‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وفي‭ ‬عمقها‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬الإنزال‭ ‬شرق‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬عملية‭ ‬محدودة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قسم‭ ‬من‭ ‬الفدائيين‭ ‬يعملون‭ ‬فيها‭ ‬كقاعدة‭ ‬انطلاق‭ ‬للعمل‭ ‬الفدائي‭ ‬أحياناً‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬قام‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بتدمير‭ ‬بلدة‭ ‬الكرامة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اشتبكوا‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الأردنية‭ ‬والمقاتلين‭ ‬من‭ ‬الفدائيين‭ ‬الموجودين‭ ‬هناك‭ ‬وتطور‭ ‬الامر‭ ‬لاستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الابيض‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬انزالها‭.‬

‭* ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭: ‬نصر‭ ‬الكرامة‭ ‬أذهل‭ ‬العدو‭ ‬وأجبره‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالهزيمة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬نتائج‭ ‬المعركة‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬أحداث‭ ‬المعركة،‭ ‬كان‭ ‬العدو‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬عملياته‭ ‬العسكرية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬شرع‭ ‬بهذه‭ ‬العمليات‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المقتربات‭ ‬والمحاور،‭ ‬وعاد‭ ‬يجر‭ ‬أذيال‭ ‬الخيبة‭ ‬والفشل،‭ ‬فتحطمت‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬المعركة‭ ‬أمام‭ ‬صخرة‭ ‬الصمود‭ ‬الأردني،‭ ‬ليثبت‭ ‬للعدو‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بأنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬المعركة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬تحطيم‭ ‬محاولات‭ ‬العدو‭ ‬المستمرة‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬وصموده،‭ ‬وأثبت‭ ‬الجندي‭ ‬الأردني‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬القتال‭ ‬لديه‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬التصميم‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬معارك‭ ‬البطولة‭ ‬والشرف‭ ‬والإقدام‭ ‬والتضحية‭.‬

وفي‭ ‬كلمته‭ ‬التاريخية‭ ‬قال‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬طلال‭ ‬–‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ - ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للمعركة‭:‬‮»‬‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬يا‭ ‬إخوتي،‭ ‬فإن‭ ‬الصلف‭ ‬والغرور‭ ‬يؤديان‭ ‬إلى‭ ‬الهزيمة،‭ ‬وإن‭ ‬الإيمان‭ ‬بالله‭ ‬والتصميم‭ ‬على‭ ‬الثبات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التضحية‭ ‬هما‭ ‬الطريق‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬النصر،‭ ‬وإن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬ووضوح‭ ‬الغاية‭ ‬ونبل‭ ‬الهدف‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬منحتنا‭ ‬الراحة‭ ‬حين‭ ‬نقرر‭ ‬أننا‭ ‬ثابتون‭ ‬صامدون‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬مصممون‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬نتزحزح‭ ‬ولا‭ ‬نتراجع‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التحديات‭ ‬والصعاب‮»‬‭.‬

وفشل‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬مخططاته‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وتركت‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬القتال،‭ ‬وهي‭ ‬احتلال‭ ‬المرتفعات‭ ‬الشرقية‭ ‬ودعوة‭ ‬الصحفيين‭ ‬لتناول‭ ‬طعام‭ ‬الغداء‭ ‬في‭ ‬عمان‭.‬

كما‭ ‬جسدت‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬أهمية‭ ‬الإرادة‭ ‬لدى‭ ‬الجندي‭ ‬العربي،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬متقنة‭ ‬وذات‭ ‬كفاءة‭ ‬عالية‭ ‬وساهمت‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬ونجاح‭ ‬المعركة،‭ ‬كما‭ ‬أبرزت‭ ‬أهمية‭ ‬الإعداد‭ ‬المعنوي‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإعداد‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬فمعنويات‭ ‬الجيش‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬مرتفعة‭ ‬حيث‭ ‬ترقبوا‭ ‬يوم‭ ‬الثأر‭ ‬والانتقام‭ ‬من‭ ‬عدوهم‭ ‬وانتظروا‭ ‬ساعة‭ ‬الصفر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الظلم‭ ‬والاستبداد‭.‬

وأبرزت‭ ‬المعركة‭ ‬حسن‭ ‬التخطيط‭ ‬والتحضير‭ ‬والتنفيذ‭ ‬الجيد‭ ‬لدى‭ ‬الجيش‭ ‬العربي،‭ ‬مثلما‭ ‬أبرزت‭ ‬أهمية‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬العدو‭ ‬بتحقيق‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬نظراً‭ ‬لقوة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأردنية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تراقب‭ ‬الموقف‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬وتبعث‭ ‬بالتقارير‭ ‬لذوي‭ ‬الاختصاص،‭ ‬حيث‭ ‬تمحص‭ ‬وتحلل‭ ‬النتائج‭ ‬فتنبأت‭ ‬بخبر‭ ‬العدوان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬مما‭ ‬أعطى‭ ‬فرصة‭ ‬للتجهيز‭ ‬والوقوف‭ ‬في‭ ‬وجهها‭.‬

خسائر‭ ‬الطرفين‭ ‬قواتنا‭ ‬الباسلة‭: ‬86‭ ‬شهيداً‭ ‬و108‭ ‬جرحى،‭ ‬تدمير‭ ‬13‭ ‬دبابة‭ ‬و‭ ‬39‭ ‬آلية‭ ‬مختلفة‭ ‬خسائر‭ ‬القوات‭ ‬الاسرائيلية‭: ‬250‭ ‬قتيلا‭ ‬و‭ ‬450جريحاً،‭ ‬وتم‭ ‬تدمير‭ ‬88‭ ‬آلية‭ ‬مختلفة‭ ‬شملت‭ ‬47‭ ‬دبابة‭ ‬و18‭ ‬ناقلة‭ ‬و24‭ ‬سيارة‭ ‬مسلحة‭ ‬و‭ ‬19‭ ‬سيارة‭ ‬شحن‭ ‬وإسقاط‭ ‬7‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭.‬

‭* ‬قالوا‭ ‬في‭ ‬المعركة‭ - ‬الديلي‭ ‬تلغراف‭: ‬اتضح‭ ‬أمران‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الكرامة،‭ ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أخطأوا‭ ‬في‭ ‬حساباتهم‭ ‬خطئاً‭ ‬فادحاً،‭ ‬إذ‭ ‬أنهم‭ ‬واجهوا‭ ‬مقاومة‭ ‬أعنف‭ ‬مما‭ ‬كانوا‭ ‬يتوقعون،‭ ‬والثاني‭ ‬أن‭ ‬هجومهم‭ ‬على‭ ‬الكرامة‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬شيئاً‭.‬

‭- ‬نيوزويك‭ ‬الأمريكية‭: ‬لقد‭ ‬قاوم‭ ‬الجيش‭ ‬الأردني‭ ‬المعتدين‭ ‬بضراوة‭ ‬وتصميم،‭ ‬وإن‭ ‬نتائج‭ ‬المعركة‭ ‬جعلت‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬بطل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ - ‬حاييم‭ ‬بارليف‭ / ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأسبق‭: ‬أما‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬عدد‭ ‬الإصابات‭ ‬بين‭ ‬قواتنا،‭ ‬فقدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬هجومها‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬الأردن‭ ‬آليات‭ ‬عسكرية‭ ‬تعادل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬فقدته‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬حزيران‭.‬

‭- ‬عضو‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬شلومو‭ ‬جروسك‭: ‬لا‭ ‬يساورنا‭ ‬الشك‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬بين‭ ‬جنودنا،‭ ‬لقد‭ ‬برهنت‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬شيئاً‭ ‬ولم‭ ‬تحل‭ ‬النزاع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

‭- ‬المقدم‭ (‬أهارون‭ ‬بيلد‭) ‬قائد‭ ‬إحدى‭ ‬المجموعات‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭: ‬لقد‭ ‬شاهدت‭ ‬قصفاً‭ ‬شديداً‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أرى‭ ‬شيئاً‭ ‬كهذا‭ ‬من‭ ‬قبل،لقد‭ ‬أصيبت‭ ‬معظم‭ ‬دباباتي‭.‬

‭- ‬المارشال‭ ‬جريشكو‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬السوفييتية‭: ‬لقد‭ ‬شكلت‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العسكرية‭ ‬العربية‭.‬

‭- ‬المستر‭ ‬جون‭ ‬بورينته‭ / ‬المراسل‭ ‬الخاص‭ ‬لوكالة‭ ‬اليونايتد‭ ‬برس‭: ‬إن‭ ‬التقارير‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬أحرز‭ ‬نصراً‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ -- ‬‮«‬بترا‮»‬