مَـن‭ ‬لـهـم ‬؟‭!‬


أنباء الوطن -

مَـن‭ ‬لـهـم ‬؟‭!‬

شعر د‭. ‬محمد‭ ‬حرب‭ ‬الرمحي

***

هُم‭ ‬مَن‭ ‬يُعانقُهم‭ ‬فُراقُ‭ ‬مدينتينِ‭ ‬

على‭ ‬رصيفِ‭ ‬لقاءِهمْ‭ ‬

مَن‭ ‬ينحتونَ‭ ‬رغيفَ‭ ‬خبزٍ‭ ‬جائع،ٍ‭ ‬بالصبرِ‭ ‬

فوقَ‭ ‬طحينِهِم‭ ‬

ويقلمونَ‭ ‬أظافرَ‭ ‬الوقتِ‭ ‬الطويلِ‭ ‬بسورةِ‭ ‬الأسراءِ،‭ ‬

أو‭ ‬بعض‭ ‬الدعاء

هُم‭ ‬مَن‭ ‬ينامُ‭ ‬النومُ‭ ‬فوقَ‭ ‬جفونِهم‭ ‬

لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفونَ‭ ‬مذاقَ‭ ‬طعمهِ‭ ‬في‭ ‬الليالي‭ ‬الحالِكةْ‭ ‬

مَن‭ ‬يرسمونَ‭ ‬على‭ ‬الجدارِ‭ ‬عيونَهم‭ ‬مفتوحة،ً‭ ‬حتى‭ ‬الصباح

وأصابعاً‭ ‬حتى‭ ‬الضحى‭ ‬مُتشابِكةْ

لتجيء‭ ‬مع‭ ‬فيروزَ‭ ‬شمس‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ !‬

هُم‭ ‬ذلكَ‭ ‬النحتُ‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬صخرِ‭ ‬المدى

ارجوحةُ‭ ‬الصمتِ‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬علقوها‭ ‬فوقَ‭ ‬أجنحةِ‭ ‬الصدى

هُم‭ ‬آية‭ ‬الكرسي‭ ‬على‭ ‬وجعِ‭ ‬النداء

لا‭ ‬يعرفون‭ ‬الموتَ،‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬يجمعهم‭ ‬مع‭ ‬الجوعِ‭ ‬انتظار

لا‭ ‬يشبهون‭ ‬سوى‭ ‬المرايا‭ ‬وهي‭ ‬عائدةٌ‭ ‬من‭ ‬البحرِ‭ ‬البعيد

يضعون‭ ‬في‭ ‬صمتٍ‭ ‬ملامحهم‭ ‬على‭ ‬كلِّ‭ ‬الوجوهِ،‭ ‬

ويرحلونَ‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ !‬

ملحٌ‭ ‬وماءٌ‭ ‬في‭ ‬السرير

وقصيدةٌ‭ ‬سرقت‭ ‬من‭ ‬الزادِ‭ ‬الكثيرَ‭ ‬

وعلى‭ ‬المدينةِ‭ ‬أن‭ ‬تنامَ‭ ‬على‭ ‬الأريكةِ‭ ‬في‭ ‬البطونِ‭ ‬الجائعة

حتى‭ ‬يعود‭ ‬الصوتُ‭ ‬من‭ ‬سَفرٍ‭ ‬طويل

لم‭ ‬يبقَ‭ ‬في‭ ‬الامعاءِ‭ ‬غيرَ‭ ‬سجودِها‭ ‬فوقَ‭ ‬الشفاء

مَـن‭ ‬لـهـم ‬؟‭!‬

سؤالٌ‭ ‬غيّرَ‭ ‬الدرب‭ ‬اختصاراً‭ ‬للجواب‭ ‬

هُم‭ ‬ثلة‭ ‬الأسرى‭ ‬الذين‭ ‬يحاربون‭ ‬الجوعَ‭ ‬في‭ ‬فرحِ‭ ‬العذاب

العاشقونَ‭ ‬الموتَ‭ ‬من‭ ‬أجلِ‭ ‬الحياة

الراحلونَ‭ ‬لموتِهم‭ ‬بكرامةٍ،‭ ‬من‭ ‬أجلِ‭ ‬معركةِ‭ ‬البقاء‭ !‬