انطلاق‭ ‬أعمال‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬الملك‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬البترا‮»‬


أنباء الوطن -

‭ ‬

‭- ‬اكد‭ ‬سياسيون‭ ‬وأكاديميون‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬ليست‭ ‬ضد‭ ‬الدين،‭ ‬‮«‬بل‭ ‬حامية‭ ‬لجميع‭ ‬الأديان‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬وتقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬يكفر‭ ‬أو‭ ‬يخون‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬قسرا‭ ‬تفصيل‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬قياسه‭ ‬فقط‮»‬،‭ ‬مشيرين‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬النقاشية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬تشكل‭ ‬معاً‭ ‬رؤية‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬لبرنامج‭ ‬تنموي‭ ‬طموح‭: ‬سياسياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وعلمياً‮»‬‭.‬

جاء‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬انطلاق‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬الثاني‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬رعاه‭ ‬اليوم‭ ‬الاثنين،‭ ‬مندوباً‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬هاني‭ ‬الملقي‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬الدكتور‭ ‬عادل‭ ‬الطويسي‭.‬

وأشار‭ ‬هؤلاء‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬لغطا‭ ‬كثيرا‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬بعضه‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬لأسس‭ ‬هذه‭ ‬الدولة،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬محاولة‭ ‬مقصودة‭ ‬لتصوير‭ ‬من‭ ‬ينادي‭ ‬بالدولة‭ ‬المدنية‭ ‬وكأنه‭ ‬يعادي‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬طمس‭ ‬هوية‭ ‬الأمة‮»‬،‭ ‬مبينين‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬كيان‭ ‬مدنية‭ ‬الدولة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يتأتى‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التأسيس‭ ‬لثقافة‭ ‬وطنية‭ ‬أردنية‭ ‬مدنية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬الانتماء‭ ‬لدين‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬أو‭ ‬عرق‭ ‬أو‭ ‬جغرافية‭ ‬ما‮»‬‭.‬

وينظم‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬الذي‭ ‬تتواصل‭ ‬أعماله‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬يومين،‭ ‬مؤسسة‭ ‬إبصار‭ ‬للمؤتمرات‭ ‬وقسم‭ ‬العلوم‭ ‬التربوية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البترا‭ ‬بالتشارك‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭.‬

وقال‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬البترا‭ ‬الدكتور‭ ‬مروان‭ ‬المولا،‭ ‬ان‭ ‬الأوراق‭ ‬النقاشية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬تشكل‭ ‬معاً‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬لبرنامج‭ ‬تنموي‭ ‬طموح‭: ‬سياسياً،‭ ‬واقتصادياً،‭ ‬واجتماعياً،‭ ‬وعلمياً‮»‬،‭ ‬لافتا‭ ‬الى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بعبقرية‭ ‬القائد‭ ‬ونظرته‭ ‬الثاقبة،‭ ‬وفهمه‭ ‬العميق‭ ‬للواقع،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تدبره‭ ‬للماضي‭ ‬والحاضر،‭ ‬واستشرافه‭ ‬الآتي‭ ‬من‭ ‬مستقبل‭ ‬هذ‭ ‬الوطن‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الاوراق‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬بصيرة‭ ‬جلالته‭ ‬لكل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬احساسه‭ ‬العميق‭ ‬بمسؤولية‭ ‬القيادة،‭ ‬ورغبة‭ ‬صادقة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬الايجابي،‭ ‬الذي‭ ‬نحلم‭ ‬به،‭ ‬ونتطلع‭ ‬اليه‮»‬‭.‬

وأضاف،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬بإمكان‭ ‬جلالته‭ ‬ان‭ ‬يجعل‭ ‬هذه‭ ‬الاوراق‭ ‬قوانين‭ ‬ملزمة،‭ ‬ولكنه‭ ‬‮«‬بإيمانه‭ ‬العميق‭ ‬بالديمقراطية،‭ ‬ارادها‭ ‬أوراقاً‭ ‬نقاشية،‭ ‬لتكون‭ ‬النخب‭ ‬المثقفة،‭ ‬وليكون‭ ‬الشباب‭ ‬شركاء‭ ‬فيها،‭ ‬منخرطين‭ ‬بما‭ ‬جاء‭ ‬فيها،‭ ‬متمسكين‭ ‬بمضمونها،‭ ‬وبما‭ ‬يثريه‭ ‬الحوار‭ ‬البناء،‭ ‬والنقاش‭ ‬الموسع‭ ‬لها‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬نتأمل‭ ‬الاوراق‭ ‬النقاشية‭ ‬الملكية،‭ ‬ندرك‭ ‬انها‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬القول،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الورقة‭ ‬النقاشية‭ ‬السادسة،‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬اساس‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬تعد‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬الاوراق،‭ ‬وهي‭ ‬الضامن‭ ‬لتفعيل‭ ‬سائر‭ ‬الاوراق‭ ‬النقاشية،‭ ‬لأنها‭ ‬الضامن‭ ‬لأهم‭ ‬ركائز‭ ‬الدولة،‭ ‬وهي‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬المولا،‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬تحتكم‭ ‬الى‭ ‬الدستور‭ ‬والقوانين،‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات،‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬السلام،‭ ‬والتسامح،‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك،‭ ‬واحترام‭ ‬التعددية‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬‮«‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬تحمي‭ ‬افراد‭ ‬المجتمع‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬الفكرية،‭ ‬وتضمن‭ ‬حرياتهم‭ ‬حيث‭ ‬يتساوى‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬تحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة،‭ ‬كما‭ ‬تحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬الأقليات‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬الطويسي‭ ‬إن‭ ‬الورقة‭ ‬النقاشية‭ ‬السادسة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حسمت‭ ‬مدنية‭ ‬الدولة‭ ‬الأردنية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬ان‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬كيان‭ ‬مدنية‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬يتأتى‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التأسيس‭ ‬لثقافة‭ ‬وطنية‭ ‬أردنية‭ ‬مدنية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬الانتماء‭ ‬لدين‭ ‬ما‭ ‬او‭ ‬طائفة‭ ‬ما‭ ‬او‭ ‬عرق‭ ‬ما‭ ‬او‭ ‬جغرافية‭ ‬ما‮»‬‭.‬

وأكد‭ ‬ضرورة‭ ‬اشاعة‭ ‬ثقافة‭ ‬مجتمعية‭ ‬مدنية‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬‮«‬فحيثما‭ ‬تضعف‭ ‬الثقافة‭ ‬المدنية‭ ‬يتراجع‭ ‬الفكر‭ ‬المؤطر‭ ‬للدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬وتزدهر‭ ‬ثقافة‭ ‬التشبث‭ ‬بالانتماءات‭ ‬الضيقة‭ ‬وثقافة‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭ ‬بأشكالهما‭ ‬المتعددة‮»‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬مسؤولية‭ ‬تربوية‭ ‬واكاديمية‭ ‬وفكرية‭ ‬واعلامية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الاولى،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يرعاها‭ ‬جهد‭ ‬وطني‭ ‬تؤسس‭ ‬له‭ ‬الدولة‭ ‬بأركانها‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭.‬

بدوره،‭ ‬قال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭ ‬الدكتور‭ ‬مروان‭ ‬المعشر‭ ‬انه‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬الثاني‭ ‬ورقته‭ ‬النقاشية‭ ‬السادسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬أساس‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‮»‬،‭ ‬تحاول‭ ‬كل‭ ‬‮«‬الأطراف‭ ‬المدنية‭ ‬والدينية‭ ‬تصوير‭ ‬الورقة‭ ‬وكأنها‭ ‬دعما‭ ‬لموقفها،‭ ‬وذلك‭ ‬بانتقاء‭ ‬عناوين‭ ‬معينة‭ ‬وتجاهل‭ ‬باقي‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الورقة‮»‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الخوض‭ ‬بتفاصيل‭ ‬الورقة‭ ‬بأمانة‭ ‬حتى‭ ‬نقف‭ ‬حقا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عناه‭ ‬جلالته‭.‬

وأضاف،‭ ‬لقد‭ ‬وقف‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بوضوح‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬عنوان‭ ‬الورقة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬عرف‭ ‬أسس‭ ‬هذه‭ ‬الدولة،‭ ‬فقال‭ ‬إن‭ ‬أساسها‭ ‬هو‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬الديمقراطيات،‭ ‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يشكل‭ ‬الدستور‭ ‬والقوانين‭ ‬الوضعية‭ ‬فيها‭ ‬الإطار‭ ‬العريض‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬الناس،‭ ‬ولم‭ ‬يذكر‭ ‬جلالته‭ ‬أي‭ ‬إطار‭ ‬آخر‮»‬‭.‬

وتابع،‭ ‬هي‭ ‬حسب‭ ‬تعريف‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬نظاما‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬لسلطة‭ ‬ان‭ ‬تتغول‭ ‬على‭ ‬اخرى،‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬تمتاز‭ ‬باحترامها‭ ‬وضمانها‭ ‬للتعددية‭ ‬واحترام‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬ودولة‭ ‬تحمي‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬الدينية‭ ‬او‭ ‬الفكرية‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬المعشر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬ليست‭ ‬ضد‭ ‬الدين،‭ ‬ولكنها‭ ‬حامية‭ ‬لجميع‭ ‬الأديان‭ ‬وكل‭ ‬المعتقدات،‭ ‬وتقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬يكفر‭ ‬أو‭ ‬يخون‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬قسرا‭ ‬تفصيل‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬قياسه‭ ‬فقط‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬المعشر،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬لغطا‭ ‬كثيرا‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬بعضه‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬لأسس‭ ‬هذه‭ ‬الدولة،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬محاولة‭ ‬مقصودة‭ ‬لتصوير‭ ‬من‭ ‬ينادي‭ ‬بالدولة‭ ‬المدنية‭ ‬وكأنه‭ ‬يعادي‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬طمس‭ ‬هوية‭ ‬الأمة‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نقيض‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬ليست‭ ‬الدولة‭ ‬الدينية،‭ ‬بل‭ ‬الدولة‭ ‬السلطوية،‭ ‬التي‭ ‬تستأثر‭ ‬بالسلطة‭ ‬والفكر‭ ‬وتتغول‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬الأخرى‭ ‬وتطبق‭ ‬القانون‭ ‬بشكل‭ ‬انتقائي،‭ ‬فالدولة‭ ‬المدنية‭ ‬ليست‭ ‬عدوة‭ ‬الدين،‭ ‬بل‭ ‬عدوة‭ ‬السلطوية‮»‬‭.‬

وأكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لدولة‭ ‬تحترم‭ ‬حرية‭ ‬المعتقد‭ ‬والفكر‭ ‬والدين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضد‭ ‬الدين،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬ينافي‭ ‬احد‭ ‬اهم‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬حرية‭ ‬الدين‭ ‬مكفولة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬نفس‭ ‬المسافة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬إن‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬البعض‭ ‬فرض‭ ‬تفسيرهم‭ ‬للدين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬فالدولة‭ ‬المدنية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك‭ ‬وإلا‭ ‬تتحول‭ ‬لدولة‭ ‬سلطوية‮»‬‭.‬

وزاد،‭ ‬‮«‬لدينا‭ ‬فرصة‭ ‬اليوم‭ ‬لبناء‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تعلي‭ ‬قيم‭ ‬التعددية‭ ‬واحترام‭ ‬الرأي‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬بالاصطفاف‭ ‬والتخندق‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬الديني‭ ‬والعلماني‮»‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬حان‭ ‬وقت‭ ‬إدراك‭ ‬التيارين‭ ‬ان‭ ‬احدهما‭ ‬لن‭ ‬يلغي‭ ‬الآخر،‭ ‬وأن‭ ‬للإثنين‭ ‬مكانهما‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بحماية‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬موقفا‭ ‬مع‭ ‬او‭ ‬ضد‭ ‬احد‭ ‬الجانبين،‭ ‬دولة‭ ‬تمنع‭ ‬تغول‭ ‬اي‭ ‬فئة‭ ‬على‭ ‬الأخرى‭. ‬وقد‭ ‬ادرك‭ ‬ذلك‭ ‬الشيخ‭ ‬زكي‭ ‬بن‭ ‬ارشيد‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الى‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬التيار‭ ‬المدني،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬الاسلاميون‭ ‬والعلمانيون‭ ‬في‭ ‬تونس‮»‬‭.‬

وبين‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬تتحقق‭ ‬قيم‭ ‬التعددية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اعادة‭ ‬نظر‭ ‬جذرية‭ ‬في‭ ‬نظم‭ ‬التعليم‭ ‬لدينا،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ورقة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬السابعة‭. ‬الجدل‭ ‬الحالي‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬سيبقى‭ ‬عقيما‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬يتناول‭ ‬الصورة‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وان‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬الى‭ ‬تعديلات‭ ‬اكبر‭ ‬وأعمق‭ ‬مما‭ ‬تم‭ ‬حاليا‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬المعشر‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬تتضمن‭ ‬النظم‭ ‬الجديدة‭ ‬قيما‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭: ‬التفكير‭ ‬الناقد‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬للطالب‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬ما‭ ‬يدرس‭ ‬له‭ ‬وكأنه‭ ‬من‭ ‬المسلمات،‭ ‬احترام‭ ‬الآراء‭ ‬الأخرى‭ ‬وتعلم‭ ‬ان‭ ‬الحقائق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬نسبية‭ ‬وليست‭ ‬مطلقة،‭ ‬وادراك‭ ‬ان‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬مختلفون،‭ ‬وان‭ ‬في‭ ‬الاختلاف‭ ‬قوة‭ ‬ومنعة‭ ‬ودفع‭ ‬باتجاه‭ ‬التجديد‭ ‬المستمر،‭ ‬وان‭ ‬الإبداع‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قبول‭ ‬التعددية‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة،‭ ‬لافتا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬النظم‭ ‬أيضاً،‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعددية‭ ‬والمواطنة‭ ‬المتساوية‭ ‬الحاضنة‭ ‬للتنوع،‭ ‬وان‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬ليس‭ ‬عدوا‭ ‬بل‭ ‬شريكا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬

وذكر‭ ‬المعشر‭ ‬أن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬وضع‭ ‬إطارا‭ ‬عريضا‭ ‬لبناء‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬الحداثية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأوراق‭ ‬السبعة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬كما‭ ‬يلي‭: ‬تطوير‭ ‬منظومة‭ ‬من‭ ‬الضوابط‭ ‬العملية‭ ‬لمبادئ‭ ‬الفصل‭ ‬والتوازن‭ ‬بين‭ ‬السلطات،‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬تغول‭ ‬احداها‭ ‬على‭ ‬الأخرى،‭ ‬تعزيز‭ ‬مبدأ‭ ‬التعددية‭ ‬السياسية،‭ ‬الانتقال‭ ‬الناجح‭ ‬نحو‭ ‬الحكومات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬تعزيز‭ ‬المشاركة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬قبول‭ ‬التنوع‭ ‬والاختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي،‭ ‬والقبول‭ ‬بالحوار‭ ‬والتوافق‭ ‬كواجب‭ ‬وطني،‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬تربوي‭ ‬جديد‭ ‬يضمن‭ ‬اكتساب‭ ‬النشء‭ ‬الجديد‭ ‬المهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬للمنافسة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الملك‭ ‬كقائد‭ ‬موحد‭ ‬يحمي‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الانزلاق‭ ‬نحو‭ ‬اي‭ ‬حالة‭ ‬استقطاب‭.‬