انطلاق أعمال مؤتمر 'الدولة المدنية في فكر الملك' في جامعة البترا


أنباء الوطن -

أكد سياسيون وأكاديميون أن الدولة المدنية ليست ضد الدين،

"بل حامية لجميع الأديان والمعتقدات، وتقف في وجه من يكفر أو يخون أو يحاول قسرا تفصيل المجتمع على قياسه فقط"، مشيرين بهذا الخصوص الى أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني "تشكل معاً رؤية وخارطة طريق لبرنامج تنموي طموح: سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً".
 
جاء ذلك خلال انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الأول بعنوان "الدولة المدنية في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني"، في جامعة البترا والذي رعاه مندوباً عن رئيس الوزراء هاني الملقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي.
 
واعتبر المستشار الأعلى لجامعة البترا رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران أن الورقةُ النقاشية السادسة حسمت الموقف حول مفهوم الدولة المدنية، بأنها الدولة التي يعيش في كنفها أفراد ومجموعات سكانية تتنوع أجناسها ومنابتها وعقائدها ومذاهبها، ويتعدد فكرها السياسي، قائلا "إن ذلك يشكل ثراءً للتنوع والتعددية".
 
وقال بدران إن الورقة النقاشية السادسة جاءت لمعالجة الخلل الذي أصاب المجتمع العربي مقتبسًا من كلام جلالة الملك قوله "تعمقت النزاعات والحروب، وانهيار الدولة، وتفسخت مجتمعاتها العربية، نتيجة الفشل في بناء الدولة المدنية القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وحماية حقوق الإنسان"، وأضاف بدران أن "الدولة الفاشلة في العراق وسوريا وليبيا واليمن وبلدان عربية أخرى كان نتيجة حتمية لغياب الدولة المدنية القائمة على الديمقراطية، وغياب سيادة القانون والتطبيق العادل".
 
وأكد بدران أن الدولة المدنية ترتكز بشكل رئيسي على مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد يُعرفُ تعريفاً قانونياً اجتماعياً بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع، له حقوقٌ وعليه واجبات. قائلا إن "ما ترفضه الدولةُ المدنية هو استخدامُ الدين لتحقيق أهدافٍ سياسية أي تسيس الدين، إذ أن ذلك يتنافى مع مبدأ التعددية الذي تقوم عليه الدولة المدنية، مما قد يؤدي إلى تحول الدينَ لا سمح الله إلى موضوعٍ خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخلُ به إلى عالمِ المصالح الدنيوية السياسية الضيقة".
 
واعتبر رئيس جامعة البترا الدكتور مروان المولا أن الأوراق النقاشية كافة تشكل معا رؤية خارطة طريق لبرنامج تنموي طموح سياسيًا واقتصاديا واجتماعيًا وعلميًا، مضيفًا أن الأوراق النقاشية جاءت معبرة عن وعي جلالته بكل صغيرة وكبيرة ومعبرة عن رغبة صادقة في إحداث التغيير الإيجابي الذي نحلم به ونتطلع إليه".
 
ورأى المولا أن الورقة النقاشية السادسة التي تناولت "سيادة القانون أساس الدولة المدنية"، تعد الضامن لتفعيل سائر الأوراق النقاشية لأنها الضامن لأهم ركائز الدولة وهي قيم المواطنة، قائلا "الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين وهي دولة المؤسسات التي ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك واحترام التعددية والرأي الآخر وهي دولة تحمي أفراد المجتمع بعض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية وتضمن حرياتهم حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات وهي دولة تحفظ حقوق المرأة كما تحفظ حقوق الأقليات".
 
من جهته اعتبر وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي أن الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك قد حسمت مدنية الدولة الأردنية، قائلا إن "تعزيز كيان مدنية الدولة لا يتأتى إلا من خلال التأسيس لثقافة وطنية أردنية قائمة على المواطنة المبنية على التوازن بين الحقوق والواجبات لا على الانتماء لدين ما أو طائفة ما أو عرق ما أو جغرافية ما".
 
وأضاف الطويسي أن ثقافة العنف والتطرف تزداد عندما تضعف الثقافة المدنية قائلا "حيثما تضعف الثقافة المدنية يتراجع الفكر المؤطر للدولة المدنية وتزدهر ثقافة التشبث بالانتماءات الضيقة وثقافة العنف والتطرف بأشكالهما المتعددة وتلك مسؤولية تربوية وأكاديمية وفكرية وإعلامية بالدرجة الأولى".
 
وأوضح وزير الخارجية الأسبق الدكتور مروان المعشر أن الدولة المدنية ليست نقيض الدولة الدينية بل هي ضد الدولة السلطوية التي تستأثر بالسلطة والفكر وتتغول على السلطات الأخرى وتطبق القانون بشكل انتقائي، قائلا "لو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية والاسلام، لما وقفت الاحزاب العلمانية قبل الدينية ضد الانقلاب العسكري الأخير في تركيا، لإدراكها ان من يقصي الآخر يسمح للآخر بإقصائه. ولو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية والاسلام، لما تعايش العلمانيون والإسلاميون في وفاق في دول كالمغرب وماليزيا واندونيسيا وغيرها".