كلمة المهندس مروان الفاعوري


أنباء الوطن -

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قال تعالى : "(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ صدق الله العظيم

إن إيماننا بقضية القدس ثابت لا يتزعزع ، وصادق لا يكذب ، وقوي لا يضعف ، وممتد لا يتوقف ، ما دامت الدماء تجري في عروقنا ، والأحداق ترقب مسجدها وقبتها وكنائسها و زيتونها وجبلها من ذرى السلط والكرك وعجلون ، شقيقاتها اللواتي مهدنا سفوح الجبال لتعبر خلالها خيول صلاح الدين الأيوبي وهو يغذ الخطى نحو مسجدها محرراً ، ولأهلها ناصراً ، ولشعبها مجيراً .

نعم ، إن الأردن وهو يلامس هم القدس اليوم ويعيشه نبضاً واحساساً في كل يوم ، معني بأمرها أكثر من غيرها ، فوحدة الارض والانسان والتاريخ تشكل قيمة مضافة لما تحققه قداسة الرسالة التي تقدمها للمسلمين قبلة أولى لهم ، وتقدم مسجدها الأقصى المبارك ثالث الحرمين الشريفين .

فاذا لم تشد رحال التعبد إليه ، فلأن ظلماً وعدوانا وقع عليه ولم يزل ، بل زاد الظلم وطغى ، إذ أعلن الرئيس الأمريكي ترامب بقراره الغاشم الظالم أن القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ، وهو في إعلانه المشؤوم يقرر أن مدينة عظيمة مقدسة وكبيرة لا تكون إلا لدولة عظيمة قوية وكبيرة ، فأي مساحة تنتظر اسرائيل لتضاف إليها ، وأي قوة تمتلكها لتقف في وجه مليار ونصف المليار مسلم ، و أي عظمة لهذه الدولة تجعل من اكبر دول العالم وقادتها رهناً لإشارتها وخادماً لتنفيذ رغباتها !!

إن المنتدى وهو يرى القدس عاصمة أبدية لفلسطين وقبلة اولى للمسلمين

ومهوى لأفئدتهم جميعهم ، ليشحذ الهمم من أجل التعريف بهذه المدينة العظيمة .

وقداستها و أهميتها ليس لأهلها، فقط بل للعالم الاسلامي بأسره ، والانساني كذلك ، فهي مدينة المقدسات ، الأمر الذي يدفع كل دولة عربية واسلامية تملك من ثوابت العقيدة الاسلامية ما تملك إلى ان تعلن نصرتها للقدس و أهلها ، حتى يستوعب العالم أن قضية القدس ومصيرها لا يقرر من طرف دولة أو شخص ، بل لا بد من موقف عالمي دولي وانساني يستحضر أهمية المدينة وقداستها و رمزيتها عند المسلمين والمسيحيين حتى تعود حرةً أبية .

وتأكيداً على هذه المكانة التاريخية والدينية و الشرعية والانسانية لهذه المدينة ، فقد ارتأى المنتدى العالمي للوسطية عقد ندوة بعنوان (القدس توحدنا) ليعلن من خلال الاوراق العلمية للندوة أن القدس وبما تمثله من تاريخ أصيل وقداسة وطهر تأبى إلا ان تكون حاضرة في كل نفس مؤمنة بالله وبالحق ، فما قام به الصليبيون من قبل لم يطمس هويتها ومعالمها ، بل زاد من صبرها حتى عادت حرةً أبية عربية اسلامية ، وما ضرها بعد ذلك كثرة التوجهات الخبيثة التي تقودها الكنيسة الانجيلية من أجل نصرة اليهود في بناء هيكلهم المزعوم استدراجاً لزوال دولتهم على يد المسيح المخلص ، بعد انتصار اليهود على المسلمين في معركة (هرمجدون ) ، وما هذا إلا تسريبات أدبية وفكرية نشرتها الثورة التي قامت ضد الكنيسة في القرنين السادس والسابع عشر ، والتي لاقت رواجاً حتى وصل الأمر إلى ذهن صناع القرار في أوروبا وأمريكا ، ليس حبا في اليهود بل رغبة في استعجال الخلاص منهم ، إن توجهاً مثل هذا لا يبطله إلا تلاحم اسطوري

بين القيادة والشعب ليقرأ كل متابع للمشهد العالمي ان القدس عنوان للأمة لم يخفت لمعانه، مثلما تشكل هماً وأملاً عند كل عربي ومسلم وانسان شريف ، ومن جميل التوثيق بالنسبة لهذه المدينة ما تقوم به اللجنة الملكية لشؤون القدس من جهود كبيرة في سبيل دعم صمودها ، وبيان ماضيها وحاضرها .

ولعل من المناسب أيضاً الحديث عن تقييم ردود الفعل الوطنية والقومية والعالمية على ذلك القرار المشؤوم ، إذ أكد كل صاحب ضمير حي أن هذا القرار جائر وظالم ، وأن إصداره لا يصنع حقاً لأسرائيل أو يلغي حقاً لأصحابها الشرعيين الأمر الذي يبقي هذه القضية محور كل حديث محلي و اقليمي وعالمي وإنساني .

وختاماً نقول إن المنتدى والذي نتشرف بإداراته سيبذل ما وسعه الجهد ليجعل من قضية القدس قيمة فكرية وثقافية تحضر في كل محفل فكري وثقافي بإذن الله حتى يتحقق لها ما نريد بإذن الله .

والحمدلله رب العالمين

المهندس مروان الفاعوري

الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية