بوسترات‭ ‬بصورة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬تملأ‭ ‬باريس


أنباء الوطن -

 

‭- ‬يتفاجأ‭ ‬سكان‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬“ببوسترات”‭ ‬إعلانية‭ ‬تحمل‭ ‬صورة‭ ‬للمطربة‭ ‬الراحلة‭ ‬كوكب‭ ‬الشرق‭ ‬“أم‭ ‬كلثوم”،‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬المترو‭ ‬والحافلات‭ ‬والشوارع‭ ‬الرئيسية‭ ‬والمحلات‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولكن‭ ‬بدون‭ ‬أيّ‭ ‬تفاصيل‭ ‬أخرى‭ ‬باستثناء‭ ‬عبارة‭ ‬“الموسيقى”‭ ‬المطبوعة‭ ‬على‭ ‬البوسترات‭.‬

وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬بالذكريات‭ ‬إلى‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭(‬تشرين‭ ‬الثاني‭) ‬1967‭ ‬حيث‭ ‬أُقيمت‭ ‬إحدى‭ ‬أشهر‭ ‬وأجمل‭ ‬حفلات‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الأولومبيا‭ ‬في‭ ‬باريس‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬فإنّ‭ ‬الاعتراف‭ ‬الفرنسي‭ ‬بالمكانة‭ ‬المميزة‭ ‬المُستمرة‭ ‬لغاية‭ ‬اليوم‭ ‬لكوكب‭ ‬الشرق‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬العرب،‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬4‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬رحيلها،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬مؤسسة‭ ‬“فيلهارموني”‭ ‬باريس‭ ‬الثقافية‭ ‬لاختيار‭ ‬صورة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬رمزاً‭ ‬للمعرض‭ ‬المُتخصّص‭ ‬للموسيقى‭ ‬العربية‭ ‬الذي‭ ‬يُقام‭ ‬للمرّة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬والذي‭ ‬يحتفي‭ ‬بثراء‭ ‬وإبداع‭ ‬تراث‭ ‬فني‭ ‬قديم‭ ‬لموسيقيين‭ ‬وفنانين‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتغيير‭ ‬الصورة‭ ‬الكئيبة‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬تكريسها‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬مؤخراً‭ ‬بسبب‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬والمشاكل‭ ‬الداخلية‭ ‬وهجرات‭ ‬اللاجئين،‭ ‬وليستذكر‭ ‬المعرض‭ ‬للجمهور‭ ‬الغربي‭ ‬إبداعات‭ ‬فنية‭ ‬وثقافية‭ ‬عربية‭ ‬سجّلها‭ ‬التاريخ،‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬“تمزج‭ ‬بين‭ ‬ملامح‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموسيقى”‭.‬

المعرض‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬إبريل‭(‬نيسان‭) ‬بحفل‭ ‬ضخم‭ ‬للموسيقار‭ ‬العراقي‭ ‬نصير‭ ‬شمّه،‭ ‬يتواصل‭ ‬لغاية‭ ‬19‭ ‬إغسطس‭(‬آب‭) ‬2018،‭ ‬يتضمن‭ ‬حفلات‭ ‬منتظرة‭ ‬من‭ ‬الطرب‭ ‬الأصيل‭ ‬لفنانين‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وفلسطين‭ ‬وتونس‭ ‬والمغرب‭.‬

كما‭ ‬يوجّه‭ ‬دعوة‭ ‬للزائر‭ ‬للسفر‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬تاريخ‭ ‬العرب‭ ‬عبر‭ ‬جولات‭ ‬سمعية‭ ‬بصرية‭ ‬من‭ ‬حداء‭ ‬عصر‭ ‬الجاهلية‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬أقدام‭ ‬الإبل‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬والمُعلّقات‭ ‬وأهازيج‭ ‬البدو،‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬مروراً‭ ‬بالموسيقى‭ ‬في‭ ‬عصور‭ ‬الإسلام‭ ‬والعصر‭ ‬العباسي‭ ‬خصوصاً،‭ ‬وديوان‭ ‬العرب،‭ ‬وزرياب‭ ‬في‭ ‬الأندلس،‭ ‬والعصر‭ ‬الذهبي‭ ‬للموسيقى‭ ‬المصرية‭ ‬مع‭ ‬كوكب‭ ‬الشرق‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬وأسمهان‭ ‬وفريد‭ ‬الأطرش،‭ ‬والموسيقى‭ ‬الصوفية‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وصولاً‭ ‬لإبدعات‭ ‬موسيقى‭ ‬فيروز‭ ‬وعمالقة‭ ‬الغناء‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وأخيراً‭ ‬يصل‭ ‬بالزائر‭ ‬إلى‭ ‬“محطة‭ ‬الموسيقى‭ ‬الإلكترونية”‭ ‬والبوب‭ ‬وموسيقى‭ ‬الراب‭ ‬المغربية‭.‬

إدارة‭ ‬مؤسسة‭ ‬فيلهارموني‭ ‬باريس‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬المعرض‭ ‬رحلة‭ ‬استكشافية‭ ‬واسعة‭ ‬للأنماط‭ ‬الموسيقية‭ ‬المُختلفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬التراثية‭ ‬منها‭ ‬والمُعاصرة،‭ ‬الدينية‭ ‬والدنيوية،‭ ‬الشعبية‭ ‬والنخبوية،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬تصاميم‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬المعرض‭ ‬تجعل‭ ‬الزائر‭ ‬يتفاعل‭ ‬مع‭ ‬جوّ‭ ‬الصحراء،‭ ‬أو‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬حديقة‭ ‬أندلسية،‭ ‬وربما‭ ‬يستشعر‭ ‬تواجده‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬بمصر،‭ ‬أو‭ ‬يتناول‭ ‬القهوة‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬باريسي،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬ساحة‭ ‬عامة‭ ‬تكتظّ‭ ‬بالمارّين‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المُدن‭ ‬العربية‭ ‬العريقة‭.‬

وبهدف‭ ‬الوصول‭ ‬لجمهور‭ ‬أوسع،‭ ‬تستعين‭ ‬اللجنة‭ ‬المُنظمة‭ ‬للمعرض‭ ‬بوسائل‭ ‬للاطلاع‭ ‬وتعميق‭ ‬المعارف‭ ‬والتخلّص‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬النمطية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأدوات‭ ‬الموسيقية‭ ‬الحيّة‭ ‬والأنشطة‭ ‬التفاعلية‭ ‬للأطفال‭ ‬والكبار،‭ ‬إذ‭ ‬بإمكان‭ ‬الزائر‭ ‬الفرنسي‭ ‬والأوروبي‭ ‬أن‭ ‬“يتعّلم‭ ‬كتابة‭ ‬اسمه‭ ‬بالعربية”،‭ ‬احتفاءً‭ ‬من‭ ‬المعرض‭ ‬بجماليات‭ ‬الخط‭ ‬العربي،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬“يكتشف‭ ‬سحر‭ ‬رنّة‭ ‬العود‭ ‬أو‭ ‬إيقاع‭ ‬الطبل‭ ‬الشرقي”‭ ‬بالمشاركة‭ ‬الافتراضية‭ ‬بإحدى‭ ‬الفرق‭ ‬الموسيقية‭ ‬المصرية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬الموسيقية‭ ‬والفنية‭ ‬المُبتكرة‭.‬

يُذكر‭ ‬أنّ‭ ‬“فيلهارموني‭ ‬باريس‭ ‬إحدى‭ ‬أحدث‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الفرنسية‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬تكريسها‭ ‬للموسيقا،‭ ‬وتمّ‭ ‬افتتاحها‭ ‬في‭ ‬2015‭ ‬قرب‭ ‬مدينة‭ ‬الموسيقا‭ ‬في‭ ‬الجادة‭ ‬19‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬باريس”‭.‬

وتمتاز‭ ‬بأجهزة‭ ‬سمعية‭ ‬عالية‭ ‬الجودة،‭ ‬مُتخصصة‭ ‬بموسيقى‭ ‬الحُجرة،‭ ‬وموسيقى‭ ‬الجاز‭ ‬وموسيقى‭ ‬العالم‭ ‬المُعاصر‭. ‬وتتألف‭ ‬الفيلهارموني‭ ‬من‭ ‬قاعة‭ ‬للحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬تستوعب‭ ‬2400‭ ‬شخص،‭ ‬كما‭ ‬تتضمن‭ ‬أيضاً‭ ‬مساحات‭ ‬وفضاءات‭ ‬للمعارض‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬التعليمية‭ ‬وصالات‭ ‬تدريب‭ ‬للموسيقى‭.‬

‭...........‬

‭- ‬وكالات