وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بأزمة إسرائيلية داخلية
خيّم اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة على أجواء استقالة وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، التي قدمها، أمس، بعد يوم واحد من التهدئة الهشة، ما يهدد بشبح الأزمة الداخلية الإسرائيلية قريباً، وذلك على وقع التنديد الفلسطيني بفشل مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار حول عدوان الاحتلال ضد القطاع.
واعتبرت الفصائل الفلسطينية أن استقالة ليبرمان، يعد اعترافاً إسرائيلياً بالهزيمة، وانتصاراً سياسياً لصمود غزة في مواجهة عدوان الاحتلال خلال اليومين الماضيين.
وقال القيادي في حركة حماس، سامي أبو زهري، في تغريدة عبر موقع (تويتر)، إن "استقالة ليبرمان هي اعتراف بالهزيمة والعجز في مواجهة المقاومة الفلسطينية، وانتصار سياسي لغزة، التي نجحت بصمودها في إحداث هزة سياسية في ساحة الاحتلال".
بدوره، قال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع "أمام المقاومة الباسلة وصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري، لن يكون ليبرمان الأول بل هو بداية الانكسار لكل قادة الاحتلال".
وباستقالة ليبرمان، الذي وصف اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصرية بأنه "استسلام للإرهاب""، فإن "الكنيست" الإسرائيلي سيُحل قريباً، بينما قد تلوح الانتخابات المبكرة في الأفق القريب.
ومع ذلك؛ فقد أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، بأن "المقاومة ستلتزم بالاتفاق طالما التزم به العدو الصهيوني".
وثمنت حركة "حماس" الجهود الدولية والأممية التي بذلت لوقف العدوان الإسرائيلي الذي تعرض له قطاع غزة على مدار اليومين الماضيين، وبخاصة الدور المصري الدؤوب، والجهود الأممية والدور النرويجي والقطري."
وأشارت إلى "المقاومة التي كانت ترد وتتصدى ببسالة وبطولة ضد جرائم العدو من خلال غرفة العمليات المشتركة"، كما عبرت عن تقديرها وفخرها "بالشعب الفلسطيني العظيم على وقوفه خلف المقاومة ودعمها."
بدورها؛ نبهت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى ضرورة أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر لمواجهة أي عدوان صهيوني جديد غادر.
وقالت الجبهة إن "غرفة العمليات المشتركة شكلت تطوراً نوعياً في أداء المقاومة، وتجسيد الوحدة الميدانية، ما يستدعي استمرار تطويرها على طريق تشكيل جبهة مقاومة موحدة تتصدى للعدوان وتدير تكتيكات المقاومة، انطلاقاً من مصالح الشعب الفلسطيني".
وأضافت أن "المقاومة بتصديها وصمودها في هذه المعركة وجهت رسائل قوية للعدو وللمتربصين بأنها لن تقبل بأقل من الحقوق الوطنية الكاملة غير المنقوصة، وبأنها ستواصل مقاومتها متسلحة بالحاضنة الشعبية التي التفت حول خيار المقاومة حتى تحقيق أهداف العودة والتحرير وإقامة دولة فلسطين على كل فلسطين وعاصمتها القدس".
ودعت الجبهة إلى "رفع الإجراءات العقابية المفروضة ضد القطاع فوراً"، و"إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية"، مؤكدة أن "تماسك الجبهة الداخلية في القطاع أثناء تصديها للعدوان يستدعي تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته".
وبالمثل؛ أكد المجلس الوطني الفلسطيني "استمرار النضال والكفاح لتجسيد الاستقلال الوطني على الأرض الفلسطينية وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها مدينة القدس".
وقال، في بيان صدر عنه بمناسبة مرور 30 عاما ًعلى إعلان وثيقة الاستقلال التي اعتمدها المجلس الوطني في دورته التاسعة عشرة التي عقدت في الجزائر بتاريخ 15/11/1988، إن "الضمانة الوحيدة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار هي حرية الشعب الذي صاغ هويته الوطنية وارتقى بصموده على أرضه بقيادة منظمة التحرير "الممثل الشرعي والوحيد للشعب"، وتجلى الصمود والفداء بتضحيات الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين."
وطالب "الوطني" المجتمع الدولي ومؤسساته وأحرار العالم إنصاف الشعب وتخليصه من الاحتلال والاضطهاد الذي يتعرض له منذ ما يزيد عن 70 عاماً، بتمكينه من ممارسة حقه في تقرير مصيره وعودته إلى أرضه والعيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، التزاماً وتنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأكد رفض ما يسمى "صفقة القرن"، ومقاومة المشاريع والخطط الهادفة للمس بما نصت عليه وثيقة الاستقلال من وحدة الأرض والشعب، والالتزام بمبادئ الوطنية، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا بعيداً عن الفئوية والحزبية".
وفي غضون ذلك؛ عبرت القوى والفصائل الفلسطينية عن تنديدها بفشل مجلس الأمن الدولي، الليلة الفائتة، التوصل إلى قرار حول العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة في الأيام الأخيرة.
وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، إن مجلس الأمن "مصاب بالشلل بسبب موقف دولة واحدة، ترفض دوماً أن يناقش المجلس قضيتنا على طاولته".
وجدد ادانته للعدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكداً "مواصلة طرق أبواب مجلس الأمن حتى يضطلع بمسؤولياته، ويتم رفع الحصار غير الإنساني عن القطاع".
وكان السفير منصور، سلم رسالة عاجلة لرئيس مجلس الأمن، المندوب الدائم لجمهورية الصين الشعبية لدى الأمم المتحدة، يطالب فيها بالتدخل الفوري لوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وذلك خلال اجتماع تشاوري ثنائي لبحث التطورات فيال قطاع غزة.
كما وجه منصور هذه الرسالة أيضاً لكل من الأمين العام ورئيس الجمعية العامة حول التدهور الخطير للأوضاع في غزة في ظل الغارات الجوية الاسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، بما في ذلك تدمير المنشآت المدنية، التي راح ضحيتها نحو 13 شهيداً فلسطينيا.
وقال منصور في رسائله "من الواضح أنه في ظل غياب المساءلة والمحاسبة، تواصل سلطات الاحتلال قتل وجرح الفلسطينيين بدم بارد وبدون أي رادع ودون توفير أدنى مستويات الحماية للمدنيين الفلسطينيين".
وطالب "المجتمع الدولي بالتخلي عن الصمت في وجه مثل هذه الجرائم الصارخة التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين".
من جانبها؛ قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن "الإدارة الأميركية، انبرت من جديد، وكما هو متوقع بالدفاع عن سلطات الاحتلال خلال المشاورات المغلقة التي بدأت، بطلب من دولة فلسطين، ومن خلال المندوبين الدائمين لدولة الكويت الشقيقة، وجمهورية بوليفيا، للتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".
وأكدت أنها "ستواصل مساعيها داخل مجلس الأمن وخارجه لفضح سياسات الاحتلال وجرائمه، وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني، وصولاً إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين السياسيين، والأمنيين، والعسكريين أمام المحاكم الدولية المختصة".
بدوره، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، أن "فشل مجلس الأمن الدولي يثير علامات استفهام واستغراب عديدة، حول ارتهان المجلس لإرداة دولة واحدة، تحاول أن تفرض الوقائع، مما يفقده للمصداقية"، بحسبه.
بالسياق، استشهد فلسطيني برصاص الجيش الاسرائيلي شمال قطاع غزة امس بعد أقل من 24 ساعة عن إعلان وقف إطلاق النار، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة ومصدر أمني.
وقال الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة إن "نواف أحمد العطار (20 عاما) استشهد شمال قطاع غزة". وقال مصدر أمني فلسطيني إن نواف العطار يعمل صيادا وقتل شمال بلدة بيت لاهيا أثناء إلقائه الشباك في البحر في منطقة حدودية".
وقال ناطق باسم الجيش الاسرائيلي "إن قوات الجيش تعرفت على عدد من المشتبه بهم الذين اقتربوا من السياج الأمني في قطاع غزة الشمالي".
واضاف "عندما اقترب أحد المشتبه بهم من السياج الأمني، أطلقت قوات الدفاع الإسرائيلية النار عليه وفقا لإجراءات ومقاييس العملية المعمول بها".-(ا ف ب)