إن استراتيجية الاغتيال المعنوي أو اغتيال الشخصية تعني الاضرار بالسمعة الحسنة للشخص ،سواءاً بالافتراء عليه أو التشهير به ،وتعد من أبرز قواعد علم هندسة العقول لارتباطها الوثيق باستراتيجية شراء الذمم ،فمن يستعصي تطويعه وشراء ذمته عند بعض الحكومات يجري إغتيال شخصيته بتدميره هو وذويه.
ويعتبر الاغتيال وسيلة غير انسانية ولكنها ناجحة للتخلص من الاشخاص الوطنيين المتفوقين ،بهدف الحد من تأثيراتهم التي تعيق عمل برنامج هندسة العقول ،استنادا لتشويه السمعة والتلاعب بالحقائق وتضليلها بتقديم صورة غير حقيقية عن الشخص المستهدف للجماهير، سيما وأن الاغتيال المعنوي يعتبر أصعب بكثير من القتل ،فهو عذاب يتعرض له المغتال على مدار الساعة بينما لا يقوى على مقاومته، فالامكانات المتوفرة لدى الدول التي تطبق علم هندسة العقول يصعب التصدي لها او حتى مقاومتها ،فالمحركات الإعلامية والصلاحيات الواسعة التي لا تحترم القوانين ولا الانسانية هي من تدير المشهد، مع العلم بأن الأشخاص المستهدفين بالاغتيال المعنوي هم شخصيات هامة ولها تأثير سياسي أو اقتصادي أو ديني وحتى عسكري ،لذلك نرى مرتكزات الاغتيال ترتبط بمجال عمل وتأثير الشخص المغتال، فرجل الدين يتم اغتياله في نطاق الأمور الدينية ،ورجل الاقتصاد يغتال بأسلحه اقتصادية ،والقائد العسكري يجري استهدافه وطعنه بتاريخه العسكري ،لكي تكون عملية الاغتيال مقنعة ومقبولة لدى مستويات الرأي العام الذي يتحمل بدوره المسؤولية الكبرى فيما يحصل من اغتيالات ،لأنه تحول لأداة باتت تصدق كل ما يكتب وما ينشر ولا تحاول التحقق ،بل اصبح الفرد منهم مستعدا لتقديم الضحايا والتنازل عن الاقرباء والاصدقاء الموثوقين بسهولة لأن علم هندسة العقول أوصل الكثيرين لهذه الحالة من التردي الفكري والانساني والديني ،فلم يعد الفرد منهم مهتما الا بتحسين اوضاعه وتأمين متطلبات الحياة لأهل بيته.
لذلك ستظل سياسة الاغتيالات وتشويه السمعة أسلحة موجهة على رقاب الشرفاء والكفاءات لتشويه الصورة الذهنية لهم وقد تصل لحد المزاودة على نزاهتهم ووطنيتهم ،طالما بقيت محافل الشر والظلم والفساد والبعد عن الدين مسيطرة على المشهد العام ،في بعض الدول التي تؤمن بأن بقائها مرهوناً بمدى فاعلية علم هندسة العقول وتحقيق أهدافه.
وسأتحدث في الحلقة الرابعة بإذن الله عن استراتيجية اختلاق المشاكل والجرائم في علم هندسة العقول لتطويع الجماهير.