في المستهل نخدع النفس إذا بقينا متجاهلين لحقيقة تنامي حجم القلق والخوف الجماعي في الصدور، عقب أن تنامت التخوفات بحتمية التخلص الرحيم من عدد من العاملين في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، ونسقطها عن سبق إصرار، أقصد _الحقيقة_ إذا لم نعترف بأن قرارات النقل الأخيرة، الحقت ضرراَ معنوياً بزملائك بعد أن وقعت في حبائل الهوى الرغائبي. وأما موجبات الكتابة للزميل غيث الطراونة، رئيس مجلس إدارة الموسسة فأولها: أنه زميل مهنة وصاحب خلق؛ ما يمنحني الحق في وضعه بصورة الأسئلة الحائرة والواقفة على باب مكتبه، باعتباره أعلى سلطة في مؤسسة نأمل بقاءها في الطليعة. أم ثانيهما: صيغة كتاب صادر عن المؤسسة فيه كثير من القسوة والإجحاف، بدت واضحة حين وصف المنقولين بأنهم (فائض عن الحاجة)، وهي عبارة يشوبها الكثير وتفتقر للعدالة، ولا أبرئ من صاغها جزءاً من نظام يلفه حول أعناق الموظفين ، بمزاعم إدارية فضفاضة. وثالثهما: هو إصرار أحدهما وبهدوء متوتر إلى لفت نظري بأن من كان له شرف الطلب هو الدكتور (باسم الطويسي ومن أجاب هو الأستاذ غيث الطراونة)، تعليقاً على عنوان مقالتي السابقة ( العايد طلب ودودين أعطى). بمعنى أن مسؤولية قرار النقل ونتائج كل ما يجري من حالة غضب، وارتباك في قلب المؤسسة، هي مسؤولية الزميل الإستاذ غيث ولا أحد سواه.
أبا عون …
لا اختلاف بأن من حق أي مؤسسة أن تقوم بترتيب أوضاعها وبما يخدم رسالتها في ظل تشريعات وأنظمة تمكنها من هذا الحق، لكن ذلك مشروط بجملة من معايير واضحة، تضمن العدالة بين الزملاء، وتعطي كل ذي حق حقه، في محاولة لعدم السقوط في فوضى الاختيار، والبعد عن الأنا، لكسر الآخر؛ الأمر الذي انتهى إلى رسم جملة من علامات الاستفهام على وجوه المتضررين، والعاملين والمتابعين أيضاً. لنقف قليلاً عند جملة فائض عن الحاجة، ففيها من الظلم لأهل المكان الكثير، بعد أن أعطوا أفضل ما لديهم على امتداد محطات عملهم، أضف إلى ذلك بأن آليات الاختيار شابتها الرغائبية كما شابت أسُسِها، وفوق هذا وذاك فأن فوضى التنسيق وضعت المنقولين بين عصا الناقل وجزرة المنقول إليه.
أبا عون…
أسئلة معلقة تقف على باب مكتبكم: كيف لموظف سيقدم أفضل ما لديه في بيئة عمل جديدة لا قواسم مشتركة بينها وبين بيئة عملهم السابقة، بل إنها غدت موقد نار بفضل اختيارات لم تخضع لمقاييس الموضوعية والدقة. وكيف للزميل أو الزميلة أن يبدع وقد وصمناه شهادة فائض عن الحاجة، ثم تم إغناؤها بوضع أسمائهم على قائمة الممنوعين من دخول مؤسسة أنفقوا فيها زهرة شبابهم، وراكموا في غرفها كل خبراتهم، فصاغوا قصة صداقة حقيقية مع المكان قبل شخوصه. كان من الممكن تجاوز ذاك المشهد المفرط في قسوته لو استمعتم لهم، وتقاسمتم معهم الحقيقة، ولو أشركتموهم في تقرير مصيرهم بعيداً عن غطرسة القرارات وارتداداتها، وبما ينثر سحب الطمانينة في نفوسهم، ويحفظ الوئام المؤسسي، لتجنبنا وإياكم أزمة لا حاجة لنا بها. أبا عون، كن عوناً لهم، وانزع الصاعق وأعدهم إلى بيتهم، فلسنا بحاجة إلى صواعق وأزمات جديدة.