الطلاق شبح يسرق سكينة الأطفال


أنباء الوطن -

يعد الطلاق ظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية ويعتبر من اخطر المشكلات الاجتماعية، فالطلاق يشكل خطورة كبيرة ليس فقط على الأطفال وإنما يمتد اثره على المجتمع بأكمله.

وقد تتعدد اسبابه على سبيل المثال استمرار الخلافات والمعاملة السيئة وعدم التفاهم، قد ينجم عن ذلك بيئة غير صحية لتنشئة هؤلاء الاطفال مرورا بالمشاكل النفسية والفزع وعدم الطمأنينة.

عند وصول الوالدين إلى طريق اشبه بالمسدود يتخذان قرار الانفصال لتنتهي قصة الطلاق لتبدأ رحلة المعاناة لدى الأطفال.

قد تناط مهمة تربية الأطفال والعناية بهم لاحقا بأحد الوالدين إلا أنه في مجتمعاتنا العربية تناط هذه المهمة بالمرأة أكثر إذ تحكمها عاطفتها.

هذا وقد ينجم عن هذه الظاهرة اطفال يمارسون سلوكيات خاطئة، ويتعرضون للاضطرابات النفسية بمختلف اعمارهم.

وقد صرحت الثلاثينية نهى وهي مطلقة حديثا في حديث لها مع « الدستور «، انها تعرضت في فترة الخطبة للضرب الا انها لسوء اختيارها لم تفسخ الخطبة بعد ضربها واهانتها وتم عقد الزواج وبعد الزواج لم تتغير معاملة زوجها فقد تعرضت لسوء المعاملة « كان زوجي كل ما يدخل ويطلع يضل يضربني «، وقالت إن زوجها كان محرضا من قبل اهله وكان لديها طفلان، إلا أن وجود طفليها لم يخفف من تعرضها للقسوة، فقد كان زوجها يهينها ويضربها امام اعين طفليها؛ ما دفع طفليها للشعور بالخوف والقلق وعدم الثقة والطمأنينة تجاه العائلة، وعندما شعرت بعدم الامان قررت الانفصال عن زوجها بعد علاقة زواج دامت 7 سنوات، وأكدت انه وبعد الانفصال عرضت طفليها على طبيب نفسي وبعد رحلة طويلة بالعلاج تجاوزا الشعور الذي كانا يعانيانه.

فيما أكدت العشرينية بانا في حديث لها مع» الدستور» انها لم تشعر قط بأنها تعيش مع زوجة أبيها فقد كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات عندما قرر والداها الانفصال، إلا أن زوجة أبيها احتضنتها ولم تجد فارقا في المعامله بينها وبين بقية اخوتها من والدها، فهي التي شجعتها لتكمل دراستها والتحقت في كلية الحقوق بالجامعة، واليوم هي على أبواب التخرج، ورغم وفاة والدها إلا انها كانت الحضن الدافىء والحنون لها ولإخوتها.

وفي حديث مع الدكتور « ليث عودة « اخصائي الأمراض النفسية؛ حول الخطوات التي يجب اتخاذها قبل الطلاق قال : يجب قبل اللجوء للانفصال النهائي أن يكون الأبوان على درجة من الوعي والاستبصار لتجنب تحمل الأبناء لتكاليفالانفصال، بمعنى آخر عدم استخدام الأبناء في حرب الانفصال.

بعد ذلك على الأبوين تجهيز الأبناء للانفصال وابلاغهم بأن هذا لن يؤثر على علاقة الأبناء بكلا الوالدين بغض النظر عن بقائهم مع احدهم، أيضا تبديد مخاوف الأبناء المترتبة على الانفصال والتي تشمل الجوانب المادية والاجتماعية وحتى العاطفية.

وفي سؤاله حول الطلاق هل يعتبر حلا مع وجود الأطفال؛ أكد إن الطلاق هو الحل الأخير سواء بوجود أو غياب الأطفال، بل وفي بعض الأحيان يكون الانفصال افضل للأطفال من حيث إن استمرارية الزواج مع وجود الجفاف العاطفي والمشكلات الأسرية قد تؤدي لأذية اكبر من الطلاق على الأطفال.

مؤكدا على أن الطفل يحتاج لأسرة مكتملة الاركان لتحقيق افضل مستوى من النمو النفسي والجسدي والاجتماعي، بالتالي فإن الإنفصال قد يؤثر على تحقيق حاجات النمو لدى الأطفال؛ ما يعني الوصول لنمو غير سوي واحتمالية تطوير اضطرابات نفسية مستقبلا.

وأشار « عودة « إلى أن هناك طرقا للتعامل مع الأطفال بعد الانفصال، مؤكدا أن التعامل مع الأبناء بعد الانفصال يحتاج إلى خطة يتفق عليها الطرفان ويشرف على تنفيذها العقلاء من الاهل، تشمل الخطة تواجد الأبناء مع كلا الوالدين بدرجة كافية، كما أنه يجب الحفاظ على مستوى مادي واجتماعي مواز لما كان عليه الأبناء قبل الانفصال مثل نوعية المأكل والمشرب والسكن والدراسة. أيضا ضرورة الانتباه لعدم إيذاء الأبناء بالحديث عن الطرف الاخر مثل حديث الأب عن الأم أو العكس، أو الحديث عن ذوي الأب أو الأم بشكل سلبي.

والابتعاد عن اشعار الأبناء بأنهم سبب في الانفصال تحت أي ظرف كان، وتوفير الحماية للأبناء يكون ضروريا، حيث يعتبر الأطفال بهذه المرحلة من الفئات المستضعفة والاكثر عرضة للعنف وبحاجة لحماية من شتى أنواع العنف النفسي والاقتصادي والحرمان والعنف الجسدي والجنسي وغيرها.

وأيضا قبل الانفصال أو بعده من الجيد اللجوء لاختصاصي نفسي أو اسري للمساعدة بتجنب أو علاج الاثار السلبية للانفصال.

واستنادا للتقرير الإحصائي السنوي 2020 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، فإن 34.2% من حالات الطلاق بين الذكور كانت أعمارهم مابين 30-40 عاما ( 5871رجالا )، فيما كانت أعلى نسبة لطلاق الإناث في الفئة العمرية 21-25 عاما ( 29.7% وبعدد 5103 امرأة ). وتشير « تضامن « إلى أن عقود الزواج العادي والمكرر بلغت 67389 عقدا بإنخفاض نسبته 0.004% عن العام الذي سبقه وبعدد 307 عقود، حيث سجلت المحاكم الشرعية 67696 عقدا عام 2019، وبلغت حالات الطلاق التراكمي ( باستثناء الطلاق القضائي ) المسجلة في المحاكم الشرعية في الأردن عام 2020 بحدود 17144 حالة طلاق بانخفاض نسبته 10.9% مقارنة بعام 2019 ( 19241 حالة طلاق ).