خطبة الجمعة ليوم غد بعنوان :الحفاظ على الأوطان من ركائز الإيمان


أنباء الوطن -
وزعت وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية نص خطبة يوم الجمعة الموافق 27-05-2022م على خطباء المساجد في المملكة .
 
وجاءت الخطبة بعنوان :الحفاظ على الأوطان من ركائز الإيمان ، وتالياً نص الخطبتين:
 
بسم الله الرحمن الرحيم عنوان خطبة الجمعة الموحد (الحفاظ على الأوطان من ركائز الإيمان) (ملزم) معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة 27/5/2022م، الموافق 26 شوال 1443هـ عناصر الخطبة (مُلزم) الحفاظ على أمن الأوطان واستقرارها، من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك بالإخلاص والولاء للوطن، والحذر من كل ما يسيء إلى مكانه، أو يهدم بنيانه أو يفرق وحدة أبنائه. حب الوطن والانتماء له فطرة غرسها الله تعالى في قلوب المخلصين لأوطانهم وأمر بالمواطنة الصالحة التي تقوم على التعاون والتشارك بين جميع أبناء المجتمع لبناء الأوطان والمحافظة على مكتسباتها وأمجادها. التمسك بهوية الأمة وأمنها واستقلالها يكون بتربية جيل قادر على تحمل المسؤوليات، يكافح الجريمة ويحارب الفاحشة والرذيلة، ويصون دماء الناس وأموالهم وأعراضهم. لا ننسَ الإكثار من الدعاء والاستغفار، والتضرع إلى الله تعالى أن يحفظ بلادنا وأمتنا من كل سوء ومكروه.
 
الآيات القرآنية (مُلزم) الآية اسم السورة ورقم الآية ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْععَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ البقرة: 126 إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ  الأنبياء: 92 ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ الأنفال: 46 ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران: 103 ﴿قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَاارِنَا﴾ البقرة: 246 ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ الحج: 39-40 ﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم﴾ النساء: 66 الأحاديث النبوية (مُلزم) طرف الحديث تخريجه « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» سنن الترمذي «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» سنن الترمذي «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» صحيح مسلم «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة» سنن الترمذي «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه «بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا» متفق عليه «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد» سنن أبي داود «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» متفق عليه
 
ملخص الخطبة (مُلزم) الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية فلولا الاستقرار والاطمئنان لما أقيمت الشعائر ولضاع الدِّين وانتُهِكت الحُرُمات وانتشرت الفوضى؛ لذلك كان المحافظة على أمن الأوطان مطلب كٌلّ أمَّة وغاية كلّ دولة. أمر الله تعالى الأمة بالاجتماع ونبذ الفرقة والخلاف والاجتماع على البر والتقوى لان ذلك عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، لأن قوة الأمة الإسلامية وسرّ نجاح أي مجتمع يكمن في وحدته وتماسكه واعتصامه بحبل الله عز وجل. لقد أسس النبي صلى الله عليه وسلم لمبادئ الاستقلال حتى تكون الإمة الإسلامية فريدة متميزة بين الأمم، من خلال بناء مجتمع قوامه التكاتف والتلاحم، والأخوة والتعاون، ربُّهم واحد، ونبيهم واحد، وأمتهم واحدة، لا فرق فيها ولا تفاضل إلا بالتقوى. من أهم مقومات الحفاظ على الأوطان، وإظهار الولاء والانتماء لترابه، أن يبتعد المُسلم عن كلّ ما يمس أمن الوطن أو يسيء إلى مكانته وسمعته بين الأمم، وأن يحذر من تناقل الشائعات الهدامة، والأخبار الكاذبة، وكل ما يفت في عضد الأمة ويفرق صفها، ويوهن هيبتها، ويقلل من شأنها. من مظاهر الحفاظ على هوية الأمة وأمنها واستقلالها تربية جيل قادر على تحمل المسؤوليات، يكافح الجريمةِ ويحارب والفاحشةِ والرذيلة، ويصون دماء الناس وأموالهم وأعراضهم. لا ننسَ الإكثار من الدعاء والاستغفار، والتضرع إلى الله تعالى أن يحفظ بلادنا وأمتنا من كل سوء ومكروه.
 
أركان الخطبة(مُلزم) «إنَّ الْحَمْدَ لله() نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفرُهُ وَنسْتهْدِيهِ وَنَسْتنصرُهُ َونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ انْفُسِنَا وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ َومَنْ يُضْللْ فَلا هَادِيَ لَهُ» وَأَشْهَدُ أَنْ لا الهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له، وَأشْهَدُ أنّ سيدنا مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ()، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدٍ() وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته(): لقوله تعالى(){ يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(). وتتكرر أركان الخطبة الأولى في الخطبة الثانية ، ويضاف إليها الدعاء لعموم المسلمين في نهاية الخطبة الثانية () : « اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم ، وألف بين قلوبهم ، واجعل في قلبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة نبيك، وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم». (الحفاظ على الأوطان من ركائز الإيمان) (المادة العلمية المقترحة) إنَّ من أعظم النعم التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان، أن يكون منتمياً إلى وطنٍ يُحبه ويفتخر بمنجزاته، ويـدافع عن أمنه واستقـراره، ويفديه بالغالي والنفيس، لأنه أغلا من الروح والولد، فلولا الأمان، لما وجِد إنسان، ولولا الاستقرار والاطمئنان لما أقيمت الشعائر ولضاع الدِّين وانتُهِكت الحُرُمات وانتشرت الفوضى؛ لذلك كان المحافظة على أمن البلاد واستقلالها عن كلِّ عدو أو طامع في ثرواتها وطامح لزعزعة استقرارهـا، أو الاعتداء على أهلها، أو نهب خيراتها، مطلب كٌلّ أمَّة وغاية كلّ دولة، وهو من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ففي القرآن العظيم قدم إبراهيم عليه السلام الأمن والأمان على الرزق قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ البقرة 126، وقد قدّم النبي صلى الله عليه وسلم الأمن والأمان على الصحة والرزق، قال عليه الصلاة والسلام: « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِييزَتْ لَهُ الدُّنْيَا». رواه الترمذي. لقد أسس النبي صلى الله عليه وسلم مبادئ الاستقلال حتى تكون الإمة الإسلامية فريدة متميزة قوية بين الأمم، فحين هاجر من مكة إلى المدينة المنورة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينسَ وطنه ولم يتركه رغبة منه بذلك بل بقيت مشاعر الشوق والحنين تتدفق إلى وطنه، فكان يخاطب حجارتها وترابها وأشجارها، وبقلب يملؤه الألم: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» سنن الترمذي. وحين وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، تشكل بمقدمه الشريف مجتمعاً قوامه المهاجرون والأنصار، فجمع بينهم على أصلين عظيمين، الأول كلمة التوحيد فجمع الناس على كلمة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، والأصل الثاني توحيد الكلمة، فآخى بين المؤمنين، وجمع صفهم، وألّف بين قلوبهم، لأن قوة الأمة الإسلامية وسرّ نجاحها يكمن في وحدتها وتماسكها واعتصامها بحبل الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران:103، فقامت أركان الامة على أساسٍ من الهُدى والتقوى، شعارُها التكاتف والتلاحم، والأخوة والتعاون، ربُّها واحد، ونبيها واحد، لا فرق فيها ولا تفاضل إلا بالتقوى، يقول تعالى: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ الأنبياء: 92، وبالتالي فإن أهم مقومات الحفاظ على الأوطان، وإظهار الولاء والانتماء لترابه، أن يبتعد المُسلم عن كلّ ما يمس أمن الوطن أو يسيء إلى مكانته وسمعته بين الأمم، وأن يحذر من تناقل الشائعات الهدامة، والأخبار الكاذبة، وأن يبتعد عن الاختلاف والتفرق الذي يفت في عضد الأمة ويفرق صفها، ويوهن هيبتها، ويقلل من شأنها قال تعالى﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ الأنفال: 46، فالأمة المتشرذمة غير قادرة على الإنتاج أو إدارة عجلة الحضارة، بل هي مشغولة دائماً بمشكلاتها الداخلية والخارجية. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة» سنن الترمذي. ومن مظاهر الحفاظ على هوية الأمة وأمنها واستقلالها تربية جيل قادر على تحمل المسؤوليات، يكافح الجريمةِ ويحارب الفاحشةِ والرذيلة، وكلَّ ما من شأنِه تعكيرُ صفوِ المجتمع، وكلَّ أمرٍ من شأنِهِ إفسادُ المجتمعِ وتدميرِه، يصون دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه، فالواجب على الشباب الحذر من اتّباع دعاة السوء الذين يسعون لزعزعة أمن المجتمع، وتدمير أركانه من خلال التأثير على عقول الشباب وأخلاقهم، ويزينون الوقوع بالمفاسد والمحرمات، ويروجون لتعاطي الآفات التي تهلك الحرث والنسل وتضيع العقول وتستنزف الأموال والطاقات كآفة المخدرات الخبيثة. الخطبة الثانية عباد الله: إن الحفاظ على الوطن، قيمة نفيسة تبذل فيه سبيلها الأرواح، وكل ذرة من تراب لهي أثمن من كنوز الأرض، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إن تألم أحد الصحابة أو أصابه مرض كان يقول: «بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا» متفق عليه، وحُب الوطن ليس مجرد كلام ، بل هو أمةٌ تتشارك وتتعاون لبناء حضارته، ورجال شمروا عن سواعدهم لصيانة أمجاده، ونساء تربي أبناءه على الكرامة والشموخ، وجيش يُدافع عن مكتسباته، وعشائر تصون إرثه وتاريخه المجيد، لذلك فإن الإسلام يعتبر الدفاع عن استقلال الأوطان وحماية مقدساته حقاً مقدساً وفريضة واجبة إن تعرض لعدوان قال تعالى: ﴿قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا﴾ البقرة: 246، وقد كان سبب غزوة بدر الكبرى وهي أول غزوة في الإسلام، أحد أهم أسبابها إخراج المسلمين من بلادهم ومحاولة استعادة حقوقهم المنهوبة، فقال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ الحج: 39-40، واعتبر الإسلام أن من قُتل دون وطنه شهيدا كمن يدافع عن عقيدته يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد» سنن أبي داود، وهل يجتمع الأهل والمال والدم والدين إلاّ في الوطن. فحب الأوطان نزعة فطرية غرسهـا الله تعالى في قلوب الناس وجعل فراقه من أكثر الأمور ثقلاً على قلب الإنسان فقال تعالى: ﴿ولـو أنا كتبنا عليهم أن اقتلـوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم﴾ النساء: 66، فانظر كيف جعل الإخراج من الوطن مماثلاً لقتل النفس، ومن تعود على محبة وطنه، فإنـه سيجد محبة الوطن تكتنفه، وسيرى السعادة و ويشعر بالمحبة تغمر كيانه ووجدانه، وسيجد هناء العيش ورغده، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى جبل أحد ويقول: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» متفق عليه. والتعبير عن هذه المحبة لا بد أن يكون بالتربية الإسلامية الصحيحة وربط حياة الناس بالتعلق بكل جزء من ثرى الوطن، ويكون بالالتزام بالقوانين والأنظمة التي تحافظ على أمن البلاد واستقرارها. سائلين الله تعالى أن يحفظ بلادنا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب والحمد لله رب العالمين.