نضال منصور يكتب: احذروا غضب الناس.. الجوع كافر


أنباء الوطن -

كتب نضال منصور - 

 

 

 

قررت الحكومة الأردنية رفع أسعار المشتقات النفطية بشكل كبير، لم يقتصر الأمر على البنزين بل طال الديزل، والكاز، وأسطوانة الغاز الوحيدة التي لم يشملها الرفع.

 

 

أصبح الأردن أغلى دولة عربية بأسعار البنزين، وكل يوم ينشر الناس على منصات التواصل الاجتماعي مقارنات للأسعار، وعلى الأرجح بلادنا من الأعلى بالأسعار عالميا، مع الفارق أن جل الدول التي أسعارها أعلى دخلهم أفضل منا، ولا يقارن بدخولنا.

 

 

في المنتدى الإعلامي الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين استضفنا في حوار وزير الطاقة الذي احترمه، وقلت له بفصيح العبارة إن الناس تنظر لتسعير المشتقات باعتبارها أحجية، وسرا نوويا لا يفهمونه، وإن فُسر لهم لا يقتنعون بما تقدمه الحكومة من أرقام، ومؤشرات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن أسعار النفط كانت عالميا قبل سنوات أعلى مما هي عليه الآن، وكان لتر البنزين يباع بسعر أرخص، وأقل من التسعيرة الحالية، وبفارق واضح.

 

 

نعرف أن هناك أزمة طاقة، وأزمة سلع بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وأن الاحتياطي من المشتقات النفطية محدود في الأردن، ولكن علينا أن نتذكر أن هناك أسعار تفضيلية للأردن من العراق، وأيضا من المفروض أن مصادرنا من استيراد النفط أكثر أمانا، دول الخليج مثلا.

 

 

ما نفهمه أيضا، وليس سرا نذيعه أن عائدات بيع المحرقات رافد أساسي للخزينة، تمدها بأكثر من مليار دينار، يضاف لها مليار آخر ضرائب من عائدات بيع التبغ، ولهذا فإن الضرائب على المشتقات النفطية بأنواعها لا تتساهل الحكومات في التعاطي معها، وتنظر لها على أنها أمر مقدس، لا يجوز المساس به.

 

 

لا تنظر الحكومات بروية حين ترفع السعر إلى الضرر الكبير الذي تلحقه بالناس، فالأمر خانق جدا، ومداخيلهم لم تعد تكفي لمتطلبات العيش الكريم، و"العائلات المستورة" بدأت بالانكشاف، والفقر كافر، والتفكير بالموازنة المالية دون تمحيص بحال الناس، ومعاناتهم يقود إلى الانفجار.

 

 

غريب أمر الحكومات كل ما يمكن أن يساعد المجتمع في تخفيض كلف الحياة ترفع سعره، والأمثلة على ذلك متعددة، وكأنها تلاحقه على لقمة خبزة، وتريده أن يبقى على حافة الهاوية.

 

 

سيارات الكهرباء ألغت الإعفاء عنها، وفرضت ضريبة عليها لأن الناس بدأت تتجه لها، وبدل أن تشجع الناس على اقتنائها ليس لتوفير الطاقة وحده، بل حتى لحماية البيئة، تجاهلت كل المطالبات بذلك، وتكرر الأمر مع الناس الذين لجأوا لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في بيوتهم لإنتاج الكهرباء.

 

 

يحكم تصرفات الحكومة منطق الجباية، ولا تفكر بإيجاد حلول للذين تسحقهم كل يوم الأزمات الاقتصادية، ولم يعودوا يشعرون بكرامتهم الإنسانية، ولا بالأمان على مستقبل أولادهم.

 

 

تُنتهك كرامة الناس حين تُهدر حقوقهم، ونحن حقوقنا ليست مصانة، ودون استدعاء لكل المشكلات تكفي المعاينة لواقع التعليم، والصحة، والنقل العام.

 

 

التفاصيل مؤلمة، ومقابل كل ما يدفعه الأردنيون والأردنيات من ضرائب لا يتلقون خدمات محترمة تليق بحقوقهم.

 

 

آن الأوان أن تفكر الحكومة، والدولة الأردنية بمقاربة جديدة تحمي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، فسكوت الناس، وتنازلهم عن حقوقهم السياسية قد يحدث أحيانا، ويمر، ولكن لا يمكن أن يؤجلوا متطلبات حياتهم اليومية، ومن بينها التنقل، وأشياء أخرى ضرورية للعيش، ولا يمكن الاستغناء عنها.

 

احذورا غضب الناس إن ظلموا، أو جاعوا.