سيدتي.. إليك أسرار تربية أطفال ناجحين


أنباء الوطن -

النوم شيء حيوي وأساسي وضروري في حياة الكائنات الحية جميعها، وليس البشر وحدهم. فكل ما هو على قيد الحياة يحتاج إلى النوم من أجل البقاء. وفي أثناء النوم، يقوم الدماغ بفرز المعلومات وتخزينها، واستبدال المواد الكيميائية، وحتى حل المشكلات اليومية في أثناء غرقك في عالم الأحلام، وذلك كما ذكرت منصة "كيدز هيلث" (kids health) في تقرير لها مؤخرا.

هذا بالنسبة للبالغين، أما الأطفال فإن النوم أكثر أهمية بكثير لهم؛ وذلك لأن أجسادهم وأجهزتهم الحيوية ما زالت في طور التشكل والنمو، وأظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يحصلون على قدر كاف من النوم بانتظام حققوا تحسنا كبيرا في الانتباه والسلوك والتعلم والذاكرة والصحة العقلية والبدنية بشكل عام، مقارنة بغيرهم من الأطفال الذين لم يحصلوا على قسط كاف من النوم.

كما أن عدم الحصول على قدر كاف من النوم، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة، وحتى الاكتئاب، عند الصغار والكبار، حسبما ذكرت "الأكاديمية الأميركية لطب النوم" (AASM) في بيان لها.

 

- أضرار طويلة الأمد

درس باحثون -من جامعة ميريلاند الأميركية- بيانات 8300 طفل تتراوح أعمارهم بين (9-10) سنوات، مع التركيز بشكل خاص على مقدار النوم الذي يحصلون عليه كل ليلة، وما يعنيه ذلك لصحتهم ونجاحهم بعد سنوات.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين ينامون أقل مما ينبغي في سن مبكرة لديهم اختلافات فسيولوجية كبيرة في الدماغ، وعلامات وصفات معرفية معينة في السنوات التي تلت ذلك.

وقال البروفيسور زي وانغ -المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الأشعة التشخيصية والطب النووي في الجامعة- "وجدنا أن الأطفال الذين لم يناموا بشكل كاف، أي أقل من 9 ساعات في الليلة، لديهم مادة رمادية أقل أو حجم أصغر في مناطق معينة من الدماغ المسؤولة عن الانتباه والذاكرة والتحكم، مقارنة بأولئك الذين لديهم عادات نوم صحية، واستمرت هذه الاختلافات بعد عامين، وهي نتيجة مقلقة تشير إلى ضرر طويل الأمد لأولئك الذين لا يحصلون على قسط كاف من النوم"، وفق ما ذكرت منصة "إنك" (inc) في تقرير لها مؤخرا.

نشرت الدراسة في مجلة "لانسيت لصحة الأطفال والمراهقين" (Lancet Child & Adolescent Health)/ وهي مجلة علمية محكَّمة، وقال المؤلف المشارك في الدراسة إي ألبرت ريس: "غالبا ما يتم التغاضي عن النوم خلال أيام الطفولة المزدحمة، المليئة بالواجبات المنزلية والأنشطة اللامنهجية.. ولكننا الآن نرى كيف يمكن أن يكون ذلك ضارا بنمو الطفل".

وأظهرت دراسات علمية عديدة سابقة أن الأطفال الذين لديهم أوقات نوم منتظمة ينتهي بهم الأمر إلى نتائج أفضل في المدرسة والحياة، وبينت أن النوم "ينظف" الدماغ، كما أظهرت هذه الدراسات أن البالغين الذين لا يحصلون على قسط كاف من النوم معرضون لخطر الإصابة بأمراض خطيرة مرتبطة بالدماغ، كما ذكرت منصة "إنك" في تقريرها آنف الذكر.

 

ما مدة النوم الموصى بها للطفل؟

تختلف ساعات النوم حسب عمر الطفل، وتوصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) بما يلي:

الرضع من 4 إلى 12 شهرا: 12-16 ساعة

الأطفال من عمر سنة إلى سنتين: 11-14 ساعة

الأطفال من عمر 3 إلى 5 سنوات: 10-13 ساعة

الأطفال من سن 6 إلى 12 سنة: 9-12 ساعة

المراهقون من 13 إلى 18 عاما: 8-10 ساعات

وحددت هذه الأوقات بناء على ما خلصت إليه لجنة مؤلفة من 13 خبيرا في النوم، درسوا وحللوا 864 مقالة علمية لصياغة التوصيات المذكورة أعلاه، كما ذكرت الأكاديمية في تقريرها.

 

صعوبات في النوم

يصعب على بعض الأطفال النوم، إذ يرغبون في البقاء مستيقظين فترات أطول للعب واللهو، بينما يعاني آخرون من العكس؛ أي ينامون فترات أطول من اللازم. وفي هذا السياق، يقدم الخبراء في مستشفى جونز هوبكنز المتخصص بطب الأطفال -على منصته الرسمية- عددا من النصائح المهمة للأمهات والآباء لمساعدة الأطفال في الحصول على القدر الموصى به من النوم.

ويؤكد الخبراء على أهمية إنشاء موعد ثابت ومحدد للنوم للكبار والصغار، إذ يجب أن يبدأ الروتين بشكل مثالي في الوقت نفسه من كل ليلة، وبمجرد غروب الشمس، ابدأ في "تهدئة المنزل" من خلال اتخاذ الخطوات الآتية:

 

خفف الأضواء في كافة أرجاء المنزل، وبالذات في غرف الأطفال.

توقف عن استخدام الإلكترونيات والشاشات قبل النوم بساعة على الأقل، وينطبق هذا الأمر على الكبار والصغار.

قلل من تناول الكافيين.

خذ حماما دافئا.

قم بنشاط عائلي هادئ مثل قراءة كتاب قصير.

إذا استيقظ طفلك في أثناء الليل، فقم بإعادته إلى غرفته بأقل قدر ممكن من الضجة.

حدد وقت الاستيقاظ عندما يسمح للطفل بمغادرة غرفته، فيمكن للطفل أن يلعب بهدوء حتى ذلك الوقت إذا رغب، ولكن لا تسمح له بمغادرة غرفته قبل الموعد المحدد لذلك.

 

- ماذا يجب أن يفعل الآباء إذا لم تنجح هذه الإجراءات؟

إذا كان طفلك يعاني من النعاس في أثناء النهار أو من صعوبات سلوكية في المدرسة تظن أنها قد تكون مرتبطة بقلة النوم، فعليك بالتأكيد زيارة طبيب الأطفال الخاص بك، ولا تعط طفلك أي "أدوية للنوم" من دون استشارة الطبيب أولا؛ لأن العديد من هذه الأدوية ليست آمنة للأطفال.

النوم نعمة من الله -سبحانه وتعالى- للبشر والكائنات، وليس من مبادئ التربية الحديثة أن تسمح لأطفالك بالسهر كما يحلو لهم، فتحديد موعد ثابت للنوم والالتزام به شيء ضروري وأساسي، حتى لو حاول طفلك التحايل عليك كي يكسب ساعة أخرى من السهر.

فالأطفال أذكياء جدا في هذا الأمر؛ يراقبونك ويعرفون نقاط ضعفك ويستغلونها للحصول على ما يريدون. ونصيحتنا لك هي الالتزام التام بموعد النوم والوقت المحدد له، بغض النظر عن كل التبريرات والحجج والظروف.