الرفاتي يقدم رأيًا اقتصاديًا حول نسب النمو والبطالة والبرامج الحكومية في موازنة


أنباء الوطن -

 

قال الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي ان الموازنة العامة للسنة المالية 2023 بنيت على أساس معدل نمو ناتج محلي اجمالي 2،7%، حيث تم قياس هذه الفرضية اعتمادا على معدل النمو الفعلي للربع الثالث من العام 2022، ولو استثنينا الناتج المحلي من قطاع التعدين وخصوصا الفوسفات والبوتاس الذي شهد قفزة كبيرة في الانتاج والتصدير خلال ذلك العام فان نسبة النمو الحقيقية من القطاعات الانتاجية المشكلة للاقتصاد تحوم حول 2% وهي النسبة السنوية التي ظل الاقتصاد الأردني ينمو في حدودها طيلة العشرة سنوات الأخيرة عبر من خلالها فترة الربيع العربي واللجوء السوري وانقطاع الغاز المصري وارتفاع المديونية بمستويات مسبوقة والحروب في دول الجوار واغلاق حدودها مع الأردن، ووقف حركة الشحن والتجارة البينية معها مرورا بجائحة كورونا وتبعاتها وأخيرا الحرب في أوكرانيا التي تشكل عامل الضرر الرئيسي حاليا بالاقتصاد العالمي وتحد من نموه بالمستويات المنشودة. 

واشار الرفاتي الى أن القفز بنسبة النمو من معدلها التاريخي البالغ 2% الى 2،7 % والظروف لم تتغير، يحتاج الى وقفة مراجعة وتحليل للنمو المستهدف لكل قطاع من القطاعات الانتاجية للعام 2023 وتحييد العوامل غير المستدامة أو الشاذة أو غير المستقرة منها واحتساب متوسط النسبة لها بعد التحييد، حتى لا يكون هناك مبالغة في تقدير نسبة النمو للعام 2023 ويصعب تحققها وبالتالي تكون النتائج معاكسة وخروج اجتهادات تفسيرات غير مقبولة أو غير منطقية.

ولفت الى ان الانفاق الرأسمالي الذي هو أحد دعائم النمو الاقتصادي لا يتجاوز في الموازنة 1،6 مليار دينار وبنسبة 14% من حجم الموازنة الكلي وبزيادة مقدارها 104 مليون دينار لعام 2022.

وبين انه عند الخوض بتفاصيلها، نجد أن مخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام شكلت ما نسبته 22% وبمقدار 350 مليون دينار، ومشاريع الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة 17% وبمقدار 271 مليون دينار، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللمركزية 17% وبمقدار 271 مليون دينار، ومخصصات المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ نحو 44% وبمقدار 700 مليون دينار. 

واشار الى ان المخصصات المرصودة في موازنة العام 2023 لمشاريع رؤية التحدبث الاقتصادي تبلغ 350 مليون دينار في حين ذكر سابقا ان الرصد لها يبلغ 670 مليون دينار وعادة ما يرافق النفقات الرأسمالية نفقات جارية، وفي كلتا الحالتين فان المبالغ المرصودة غير كافية لاحداث نمو اقتصادي وبالنسب المستهدفة، اذا ما علمنا أن المتبقي من مخصصات النفقات الرأسمالية تعود لمشاريع الجهاز العسكري والأمني والبلديات، أما المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ فقد نشأت من سنوات سابقة وما زالت تحت العمل لاستكمال تنفيذها ولديها كوادرها العاملة وبالتالي لا تمثل مشاريع جديدة في العام 2023 لتكون قادرة على التشغيل وتوفير فرص للباحثين عن العمل.

وذكر انه ولا بد من بيان طبيعة هذه المشاريع وتكلفة كل مشروع ومواقعها الجغرافية المستهدفة والجدوى من الانشاء والقيمة المضافة لها وفق دراسات جدوى بها ومدى الأولويات في انشائها والجدول الزمني للاتنهاء منها، وفيما اذا كانت هناك مشاركة للقطاع الخاص في التمويل من عدمه.

واضاف انه يجدر الحديث عن أهمية أداة الموازنة الصفرية (الموازنة الموجهة بالبرامج ) لتخدم أهداف الحكومة في مجال تحقيق الكفاءة والفعالية في أداء الأنشطة الحكومية وذلك بتحديد الأولويات للبرامج الحكومية ووجوب اجراء المراجعة والتحليل والتقييم على جميع أوجه الانفاق لجميع البرامج والمشاريع التي تنفذها الأجهزة الحكومية بحيث يتم اعداد الموازنة ابتداء من قاعدة الصفر اي ليس هناك أولوية للبرامج القديمة على البرامج الجديدة وتقديم المبررات والبراهين والوثائق لاثبات جدوى وفعالية البرامج. 

وأوضح أنه يجب ان تأخذ في الاعتبار النظرة الشاملة الى جميع أوجه الانفاق، والاقتصاد في الانفاق، ومراعاة العدالة في توزيع المنافع الناتجة عن الانفاق العام، وتحقيق أكبر قدر من المنفعة للمجتمع، والحد من الزيادة المضطردة في النفقات، وترشيد عملية اتخاذ القرارات كونها تقدم تبريرات مناسبة للتخصيصات المالية المطلوبة للبرامج الحالية والجديدة.

وذكر الرفاتي الى انه تاريخيا ظهر ان معدلات النمو في السنوات السابقة لم تكن قادرة على خلق فرص العمل، وحتى تساهم في ذلك أن لا يقل المعدل عن 5-6% أسوة بمعدلات النمو في الأعوام 2004- 2007 التي شهدت الطفرة المالية والاقتصادية والعمرانية وتأسيس الشركات المساهمة العامة وتوزيعات الأرباح وارتفاع مستوى الدخل والمعيشة وسبقت الأزمة المالية العالمية قي العام 2008.

وحتى يحدث النمو المرجو فلا بد من مراجعة روافعه من ازالة التحديات أمام القطاعات الاقتصادية والانتاجية بايجاد حلول واقعية ومنطقية لها، وتخفيض كلف مدخلات الانتاج وكلف الطاقة والتمويل واعادة النظر في أسعار الفوائد البنكية على القروض والتسهيلات ووقف الرفع المتلاحق لها خاصة وأن التضخم لدينا في أدنى مستوياته كما جاء في الخطاب وايجاد شراكات مع القطاع الخاص للبدء في المشاريع الاستراتيجبة الكبرى التي تم الحديث عنها ولم تلق النور بعد وتوضيح مزاياها وعوائدها وازالة أسباب التردد لديهم في ذلك، وكذلك جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتهيئة المناخ الاستثماري في ظل اقرار قانون تنظيم البيئة الاستثمارية ودخوله حيز التنفيذ اعتبارا من بداية العام الحالي. 

وبين أن الجميع وعلى كافة المستويات الرسمية والاعلامية والبرلمانية ينظرون الى تنفيذ الرؤية والخطط والبرامج في العام 2023 وضمن الجداول الزمنية المحددة لها، ولا مجال للتقاعس عن ذلك مهما كانت المبررات.

أما معدل البطالة فقد تم في خطاب الموازنة القياس على انخفاضه في الربع الثاني من العام 2022، ولكن كان مرتفعا في الربع الأول وعاد الى الارتفاع في الربع الثالث حسب مسح دائرة الاحصاءات العامة ليبلغ 23،1%، موزعة ما بين 20% بين الذكور، و33% بين الاناث، و47% بين الشباب.

وبين ان المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومشاريع الشباب منافذ للتشغيل والحد من البطالة وتتطلب الدعم والتمويل والتشبيك معها واعادة النظر بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل بوقف التخصصات الراكدة والمشبعة والتحول الى التخصصات التي تواكب العصر والمتغيرات والمستجدات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وادارة المخاطر والتغير المناخي.

واضاف الى ضرورة اعادة النظر في السياسات الاقتصادية والسياسات الضريبية لتمكين أصحاب العمل من التوسع في الأعمال وبالتالي التوسع في التشغيل، وتوسيع معدلات المشاركة الاقتصادية في سوق العمل، ورفع الحد الأدنى للأجور الذي كان مقررا له تنفيذه مع مطلع العام الحالي والمؤجل من بداية العام الماضي وفق الترتيبات في ذلك.

وحفز القطاع الخاص على التعيين من خلال تقديم الحوافز له في ذلك، للتخفيف من الأعداد الكبيرة للعاطلين عن العمل وخلق المشاريع المشتركة معه. الرأي