الرفاتي يكتب: حقائق عن تأجيل أقساط القروض البنكية !
زياد الرفاتي
كثر الحديث في الفترة الأخيرة وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك عن موضوع تأجيل أقساط القروض بين مؤيد ومعارض للتأجيل، وكل يقدم وجهات نظره حول ذلك حسب ما يراه وهي في كل الأحوال تبقى استرشادية وغير ملزمة للأخذ بها.
وفي هذا السياق نود أن نبين فيما يلي بعض الحقائق والمعطيات حول موضوع التأجيل مع اقتراب موعد صرف رواتب شهر أذار مع حلول الشهر الفضيل والتي ربما تساعد في حسم القرار:-
1- في الأدبيات المصرفية وحسب تعليمات البنك المركزي الأردني في تصنيف الديون المعممة على البنوك المحلية والتي تلتزم بها، هناك مفهومان وتطبيقان للتأجيل وهما هيكلة التسهيلات الائتمانية وجدولة التسهيلات الائتمانية وكل يختلف عن الاخر في الأسباب والتطبيق.
فمفهوم الهيكلة ينطبق على التسهيلات الائتمانية بفئاتها الثلاث ( متدنية المخاطر ومقبولة المخاطر وتحت المراقبة ) والتي لم تصل الى مرحلة التعثر حسب التعليمات بانقضاء 90 يوما وأكثر على التأخر في دفع الأقساط ، وذلك من خلال اعادة ترتيب وضع التسهيلات الائتمانية من حيث تعديل الأقساط أو اطالة عمر التسهيلات الائتمانية أو تأجيل بعض الأقساط أو تمديد فترة السماح 000 الخ .
أما الجدولة فتنطبق حصرا على التسهيلات الائتمانية غير العاملة ( المتعثرة ) التي مضى عليها 90 يوما ولم تسدد وتقبل لثلاث مرات فقط، وتتم لأغراض اخراج تلك التسهيلات من اطار التسهيلات الائتمانية غير العاملة وبتسديد العميل للدفعة النقدية لكل مرة المنصوص عليها في التعليمات وتدفع من مصادره الخاصة كمتطلب مسبق لتنفيذ الجدولة.
مما تقدم يتبين أن تأجيل الأقساط التي يتم المطالبة بها يقع ضمن مفهوم الهيكلة وتنحصر بفئات التسهيلات الائتمانية الثلاث السالفة الذكر، والتي يتم من خلالها اطالة عمر القرض نتيجة التأجيل مع استمرار سريان الفوائد على الأقساط المؤجلة وهو حق للبنوك في ذلك السريان ومن المتعذر عمليا ووفق الأنظمة البنكية المحوسبة استثناء تلك الأقساط من الفائدة أو الاعفاء منها ، حيث يخضع احتساب الفائدة للنظام الالي الذي لا يفرق بين قسط مؤجل وقسط غير مؤجل ويتم الاحتساب وفقا للمنهجية العلمية والعملية على رصيد التسهيلات الائتمانية القائمة وليس على القسط تحديدا الذي يشكل جزءا من الرصيد ووفقا لسعر الفائدة المثبت على الرصيد في النظام الالي البنكي .
ويحق للعميل الذي لا يرغب بالتأجيل ابلاغ بنكه بذلك واستمرار الاقتطاع الشهري، علما بأن البنوك عادة لا تؤجل الأقساط للتسهيلات المتعثرة ولا ينطبق عليها.
2- ان التأجيل توضيحا لذلك لا يمثل سيولة وهمية، اذ يوفر سيولة ملموسة بين أيدي العملاء وان كان مصدرها اطالة عمر القرض ودفع فوائد اضافية حيث الاطالة مفهوم تتعامل به تعليمات البنك المركزي والبنوك في معالجة التسهيلات الائتمانية وتوفير السيولة من خلال المعالجة حتى وان كانت مؤقتة كما يتم وصفها ولكنها تساعد في سد احتياجات طارئة واستثنائية وتلبي مطالب القطاعات الاقتصادية والشعبية والنيابية
حتى وان تزامن التأجيل مع صرف راتب شهر أذار وحاجة جمعية البنوك في ظل ذلك التزامن لأسباب ومبررات مقنعة للتأجيل، أذ أن الضرورات أحيانا تبيح المحظورات ان كان محظورا.
والسيولة وفقا للمتعارف عليه نوعان وهما من المصادر الذاتية للعميل أو من القطاع المصرفي الذي يلجأ اليه المتعاملون من خلال الاقتراض المباشر أو من خلال المعالجات للتسهيلات الائتمانية حتى وان تمت اطالة أمدها.
كما تقوم مؤسسات التمويل الدولية الدائنة بعمليات التأجيل والجدولة لحكومات الدول المدينة في اطار المعالجات للديون وتخفيف الضغوطات المالية عن تلك الدول وباطالة أمدها. وتقوم تلك الحكومات بالاستدانة أحيانا لسد التزامات مستحقة قائمة ( احلال دين جديد محل دين مستحق ) دون أن تترك أثرا على رصيد المديونية أو السيولة .
3- أما الحديث من أن عدد مرات التأجيل لعملاء البنوك قد وصل الى عشرة مرات منذ بداية جائحة كورونا في شهر أذار 2020 وحتى نهاية العام 2022، فان ذلك العدد استغرقه ثلاث سنوات وليس كبير قياسا بالظروف السابقة وتركز في فترة الجائحة نتيجة الاغلاقات وانقطاع الدخل الجزئي أو الكامل سواء للمنشأت الاقتصادية أو الأفراد ومصادفة مناسبات خلال الشهر لا تتزامن مع موعد صرف الرواتب ويتدخل أحيانا من البنك المركزي في ذلك بالطلب من جمعية البنوك والتي نحن الان في مرحلة التعافي من الجائحة حسب التصريحات الرسمية بذلك وليس التعافي الشامل والخروج من تبعاتها.
وفي كل مرة كانت جمعية البنوك تصدر بيانا اعلاميا وتفسر ذلك بأن التأجيل يدخل ضمن المسؤولية الاجتماعية للقطاع المصرفي وتخفيفا عن المواطنين وتوفير السيولة وتحريك القطاعات الاقتصادية، وندرك أنه لم يتغير شيئا من تلك الأسباب والمبررات .
4- وفيما يتعلق بأن التأجيل تتراوح قيمة أقساطه الشهرية ما بين 200- 240 مليون دينار وتأثير ذلك على سيولة البنوك وقدرتها على اعادة الاقراض في حال التاجيل، فنبين أن ذلك المبلغ بحجمه لا يترك تأثيرا على سيولة الجهاز المصرفي الذي يتمتع بنسبة سيولة تصل الى 140% وتفوق الحد الأدنى للنسبة المطلوبة من البنك المركزي الأردني بأن لا تقل عن 100%، كما أن السداد في حال عدم التأجيل سيؤدي الى تخفيض حجم المحفظة الائتمانية للبنوك بذلك المبلغ حتى وان كان ضمن جدول السداد المتفق عليه مسبقا مع العملاء حيث انه من مصلحة البنوك السعي لتنمية محافظها الائتمانية المدرة للدخل وعدم انخفاضها، وفي حال السداد أيضا سيتم البحث عن عملاء اخرين لمنحهم التمويل والتعويض عن ذلك الانخفاض وما يستغرقه من وقت وجهد وكلفة في ذلك.
*خبير مالي