فرصة أمام المستثمرين لمضاعفة معدل نجاح استثماراتهم من خلال استخدام علم البيانات


أنباء الوطن -

 

 

"ليس من الضرورة أن يلجأ المستثمرين إلى مئات المصادر والتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلا أن تعزيز عائد الاستثمار يعتمد جزئياً على مدى الوصول إلى بيانات عالية الدقة في الوقت الفعلي"

 

 

ديمتري كامينسكي، الشريك العام، مجموعة المعرفة المتعمّقة

 

يقوم العديد من المستثمرين ببناء قراراتهم الاستثمارية على البيانات. ومع ذلك، فإن هذه البيانات التي يمكن أن تكون مرتبطة بأداء القطاع أو الشركة ومنتجاتها والسوق التي تعمل فيه واتجاهات الاقتصاد وغيرها، قد تكون غير كافية لاتخاذ قرار مستنير. غالباً ما تؤدي المعلومات غير الكافية إلى قرارات استثمارية سيئة، وبالتالي ينتهي الأمر بالعديد من المستثمرين إلى خسارة المال. 

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون البيانات المتاحة ضعيفة لعدة أسباب. لنفترض أن هناك العديد من المنافسين ضمن قطاع معين دون أسباب واضحة حول أرجحية تفوق منافس ما على الآخرين. أو ربما عدم توافر معلومات كافية من قبل شركة قيد النظر للاستثمار فيها وذلك بسبب خشية هذه الشركة خلق مخاطر لعملياتها في حال الكشف عن بيانات معينة متعلقة بها. علاوة على ذلك، قد لا يكون هناك التزام على الشركة بالكشف عن أي معلومات.

وإليكم سبب آخر للقرارات الاستثمارية السيئة فيما يتعلق بالبيانات، والذي قد يبدو غير بديهي ولكنه منطقي، وهو: هناك ببساطة الكثير من المعلومات المتاحة!

غالباً ما يعتمد الناس على الشعور الغريزي عند مواجهة القرارات. وتعنى بعض هذه القرارات بأشياء دنيوية مثل شراء قميص أو اتخاذ قرار بشأن الغداء، وعندها يكون من غير الضروري مراعاة الإحصاءات وتحليل البيانات. في هذه الحالات، يكون الاعتماد على الحدس مقبولاً، وعادةً ما يحصل الناس على النتيجة المرجوة.

ولكن حين يخمن المستثمرين خيارات الاستثمار، فمن الضروري تقليل الاعتماد على الحدس ووضع العاطفة جانباً والتأكد من الحقائق المتاحة.

يتطلع المستثمرون بشكل متزايد إلى ما هو أبعد من البيانات البسيطة. يبحث معظمهم عن طرق أكثر تقدماً وتطوراً لحل مشاكل الاستثمار. وقد أدى ذلك إلى ظهور علم البيانات كأداة استثمارية تمثل مجالاً متعدد التخصصات مسؤولاً عن استخراج الأفكار المجدية من البيانات باستخدام الأساليب العلمية.

تلعب عملية التقييم الموضوعي دوراً رئيسياً في الاستراتيجية المتعلقة باتخاذ قرارات استثمارية ناجحة. في حين أن الرأي قد يختلف حول ماهية "القرار الموضوعي" بالضبط وأفضل طريقة للوصول إليه، إلا أن هناك شيئاً واحداً لا جدال فيه: العملية تتطلب تنظيم وتحليل الكثير من البيانات.

ثورة تخزين البيانات

على مدى العقدين الماضيين، كان هناك تطور ملحوظ في تخزين البيانات ومعالجتها وتحليلها. وشهد العالم تحولاً ملحوظاً مع القدوم الكاسح للذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

يمكن استخدام تحليلات البيانات الضخمة المدعومة من قبل الذكاء الاصطناعي لإجراء تقييم أكثر دقةً وشمولاً لأداء أعمال الشركات، بالإضافة إلى تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ومن شأن ذلك تمكين المستثمرين من خلال منحهم الثقة في قراراتهم والرؤية حول الآثار المحتملة لاستثماراتهم، مما يساعدهم على أخذ العوامل غير المالية في الاعتبار دون المساومة على العوائد.

يعد تخزين البيانات في المقام الأول مجال تخصص مهندسي البيانات، لذلك لا بد أن نتطرق إلى عملية تحليل المعلومات وتجميعها. كيف يمكن تحليل أحجام هائلة من البيانات بفعالية؟ كيف يمكن للمستثمرين تحديد مواقع هذه البيانات واستخدامها لاتخاذ خيارات استثمارية مثلى؟

البيانات البديلة

تمثل البيانات البديلة مجموعات من المعلومات حول شركة أو قطاع معين والمنافسين. يتم نشر هذه المعلومات من قبل مصادر خارجية، إذ يمكن أن توفر رؤى مهمة حول فرص الاستثمار.

غالباً ما توفر البيانات البديلة كمية مذهلة من المعلومات حول الناشطين في السوق. في بعض الحالات، قد لا تكون هذه هي المعلومات التي يسعى إليها المستثمر؛ ومع ذلك، قد تشير إلى ميزات معينة وتقدم رؤى مفيدة. تحليل المشاعر هو مثال رائع على ذلك وكيفية استخدامه لأغراض الاستثمار.

قاما عالما البيانات التشيكيان بيتر هاجيك وجوزيف نوفوتني، اللذان قاما في يناير 2022 بنشر دراسة بعنوان "التنبؤ الضبابي القائم على القواعد لأسعار الذهب باستخدام تأثير الأخبار"، بابتكار استراتيجية تداول قابلة للتفسير من حيث القواعد الاستثمارية المعقدة. تظهر تنبؤاتهم لاتجاه الذهب دقة معززة مقارنةً بعدد المعايير المعمول بها سابقاً، ويتفوق نموذجهم على النماذج الحديثة الأخرى باستخدام استراتيجيات خط الأساس البديلة من حيث التنبؤ بالحركة المستقبلية ليوم واحد في سعر الذهب. 

تتمثّل فلسفتهم في أن أساليب الذكاء الاصطناعي المتنوعة للتنبؤ بسعر الذهب تتفوق على الأساليب الإحصائية التقليدية. في السابق، أهملت الأبحاث عدم ملاءمة الأنظمة القديمة، التي لا تتضمن التأثير المهم لمعنويات وسائل الإعلام على قرارات الاستثمار. يعتقد عالما البيانات التشيكيان أن نظامهما ومن خلال مراعاة تأثير الأخبار، يتفوق على النماذج الأخرى التي تستخدم التعلم الآلي وخوارزميات التعلم العميق. وهذا له تداعيات مهمة على المستثمرين.

الاستثمار بناءً على تحليل المشاعر الاجتماعية

التنبؤ بأسعار أسهم السلع الأساسية باستخدام تحليل المعنويات هو في الواقع تقنية الذكاء الاصطناعي. يمكن أن تلعب المشاعر التي تعبر عنها مصادر موثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإخبارية الأخرى دوراً رئيسياً في مجال الاستثمار. 

وتطرح تلك الفكرة بعض الأسئلة الحرجة مثل: 1) كيف يمكنني اختيار المصادر المناسبة لتحليل المعنويات؟، 2) هل ينطبق ذلك فقط على السلع؟ ماذا عن الأسهم والشركات الخاصة والاستثمارات الأخرى؟، و 3) ماذا وراء الستائر؟ وبعبارة أخرى، ما هو النموذج أو المقاييس أو تقنيات التدريب المستخدمة لجمع البيانات؟ 

إن إزالة التخمين من عملية تحليل بيانات الوسائط الاجتماعية باستخدام الذكاء الاصطناعي يوفر رؤى سريعة ودقيقة يمكن أن تساعد في توجيه قرارات الاستثمار الحاسمة.

يمكن أن يوفر علم البيانات تحليلاً إعلامياً متكاملاً من منصات متعددة، مما يمنح المستثمرين القدرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي الخاص بالقطاع وحالة الاستخدام، وبالتالي استخدام الرؤى لتوجيه الاستثمارات.

ليس من الضرورة أن يلجأ المستثمرين إلى مئات المصادر والتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلا أن تعزيز عائد الاستثمار يعتمد جزئياً على مدى الوصول إلى بيانات عالية الدقة في الوقت الفعلي ومستخرجة من البيانات الضخمة. ومن المهم استكمال ذلك عن طريق ضم رؤى من مصادر بديلة أيضاً من أجل اتخاذ خيارات استثمارية جيدة.

ضمان سلامة البيانات

على سبيل المثال، يلقي الباحثون الإلكترونيون ومحللو البيانات في مجموعة المعرفة المتعمّقة شبكاتهم على نطاق واسع عند جمع المعلومات والإحصاءات حول قطاعات متعددة، مما يضمن موثوقية ودقة المصادر. يمكن لأصحاب المصلحة عبر القطاعات الاعتماد على الاتجاهات والبيانات التي يقدمها هؤلاء الباحثون ومحللو البيانات، وتأكدهم من أن المعلومات المقدمة ستوجه قرارات الاستثمار بشكل استراتيجي وفي الاتجاه الصحيح.