ماذا ينتظر النفط بعد مفاجأة تخفيضات أوبك +
عبد الرحمن الأصفر ( المحلل المالي والتقني )
صدم تحالف أوبك بالاضافة لأسواق النفط بالإعلان عن خفض مفاجئ للإنتاج بأكثر من مليون برميل يوميا مما أدى ذلك إلى زيادة أسعار النفط وزيادة التوترات مع الحلفاء الغربيين وأعادة تخفيضات إنتاج أوبك و المفاجئة تحديد التوقعات لأسعار النفط الخام حيث أعادت مستويات 100 دولار للبرميل إلى صورة المشهد من جديد .
وقبل الإعلان أشارت أرقام الكارتل إلى أن المجموعة ستحتاج إلى ضخ المزيد من النفط وليس أقل في النصف الثاني من العام خصوصا مع توقع وكالة الطاقة الدولية زيادة الطلب في وقت لاحق من هذا العام مع عودة الصين .
وصدمت قيود العرض التي تم الإعلان عنها خلال عطلة نهاية الأسبوع الأسواق وأثارت الفزع بين الباعة على المكشوف ورأينا افتتاح الأسواق الاسيوية لأسعار النفط على فجوة سعرية صاعدة مما سيضيف الآن خطر متجدد من حدوث زخم تضخمي جديد للاقتصاد العالمي.
خفض الإنتاج المفاجئ الذي أعلنت عنه أوبك يوم الأحد قد يسبب خطر ارتفاع آخر في تكاليف الخام الامر الذي سيعقد الوضع ويزيد الجدل في البنوك المركزية الكبرى , حول إلى أين يتجه التضخم ومدى ارتفاع أسعار الفائدة الإضافية للسيطرة عليه وإن محافظي البنوك المركزية الذين أمضوا الأسابيع الماضية في حيرة من أمرهم بشأن كيفية تأثير الاضطراب المالي على توقعاتهم لديهم الآن هزة كبيرة أخرى وهي ارتفاع أسعار النفط التي يجب مراعاتها وقد تؤدي التخفيضات في الإنتاج ايضا إلى تباطؤ النمو العالمي وزيادة التضخم وقد تضغط على البنوك المركزية للعمل بقوة أكبر ومهما حدث خلال الفترة القادمة .
فلا يزال هناك متسع من الوقت أمام البنوك المركزية الكبرى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو لاستيعاب هذا التطور الأخير أكثر مما كانت عليه في الشهر الماضي عندما ضرب الاضطراب المالي قبل أيام فقط من اجتماعات أسعار الفائدة الرئيسية حيث سيكون الاجتماع التالي للاحتياطي الفيدرالي يوم 3 مايو اليوم السابق للبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا سيكون له وقت لغاية 11 مايو القادم وقال البيت الأبيض إن قرار أوبك كان غير حكيم .
وأضاف أن الولايات المتحدة ستعمل مع المنتجين والمستهلكين على التركيز على أسعار البنزين والجدير بالذكر في العام الماضي أمر الرئيس الامريكي جو بايدن بإطلاق كميات غير مسبوقة من احتياطيات النفط الخام الاستراتيجية في البلاد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا مما أدى الى تراجع المخزون الاستراتيجي للولايات المتحدة للمرة الأولى منذ مدة طويلة .
السؤال المهم لماذا هذه الخطوة المفاجئة بعد التصريحات السابقة بعدم الخفض؟؟
اليكم السبب الأكثر منطقية وواقعيه ببساطة أن أوبك بما في ذلك أكبر أعضائها المملكة العربية السعودية وروسيا تريد بوضوح دعم سعر النفط أو بشكل مثالي دفعه إلى الأعلى لأنه قبل التدخل المفاجئ تراجع النفط الخام بأسوأ انخفاض له في الربع الأول منذ عام 2020 حيث أدى اضطراب القطاع المصرفي ومخاطر الركود في الولايات المتحدة مجتمعة إلى الإضرار بالأسعار حيث أدى الاضطراب في القطاع المصرفي إلى بيع الأصول الخطرة بعدما كان يقترب من 100 دولار للبرميل في معظم فترات العام الماضي بالإضافة الى ذلك التصريحات الامريكية الأسبوع الماضي بأن الأمر سيستغرق سنوات لإعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي الذي تم استنزافه جزئيا في عام 2022 للمساعدة في إبقاء الأسعار تحت السيطرة بعكس الوعود السابقة للمملكة العربية السعودية لذلك أن الخفض المفاجئ ليس مجرد خطوة دفاعية من قبل الكارتل ولكنه خطوة حازمة من قبل أكبر الأعضاء وهي المملكة العربية السعودية .
خطوة أوبك , تدفعنا الى تساؤل !! هل تخشى أوبك + الركود؟ نعم هذا ممكن خصوصا انه كان هناك بعض المؤشرات على أن الطلب على النفط كان أضعف قليلاً مما كان متوقعاً – لا سيما في البلدان المتقدمة – في الأشهر الأولى من هذا العام ووصفت المجموعة التخفيضات بأنها إجراء احترازي يهدف إلى الاستقرار في سوق النفط وخطوة المملكة العربية السعودية تظهر للولايات المتحدة التزام المملكة بسياسة السعودية أولا وان لديها حلفاء آخرين وهذا يظهر واضحا في العديد من الخطوات الماضية مع الصين وروسيا والاتفاقيات والتعاون المشترك.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للأسواق؟
الشاغل الرئيسي سيكون التأثير على التضخم قد يجعل ارتفاع أسعار النفط من الصعب على البنوك المركزية كبح جماح التضخم مما يجبرها على رفع أسعار الفائدة أكثر أو إبقائها مرتفعة لفترة أطول بالإضافة الى ازمة المصارف وستبقى الأسواق منقسمة حول الفائدة بعد هذا الوضع الجديد لذلك سنتابع التطورات خلال الأيام القادمة وأرى ان الامر سيتعقد أكثر وسيكون صدمة للاقتصادات الكبرى لو وصلت أسعار الخام الى 100 $ للبرميل لذلك ينبغي على مستثمري وتجار النفط المتابعة عن كثب ومراقبة كل شاردة وواردة تخص أسواق النفط العالمية والتصريحات الهامة من هنا وهناك ولقد قمت عند بداية هذا العام برسم مسار النفط وبفضل الله يتحقق الى الان ما قمت بتوقعه فالف مبروك لكل من أخذ برؤيتنا البعيدة المدى واستفاد منها وسنبقى نواصل معكم بشكل مستمر بمثل هذه المقالات التي ترفع من المستوى المعرفي للمتداول والمستثمر وفالكم الربح والتوفيق .
المحلل المالي والتقني
عبد الرحمن الأصفر