حزب وفئة أردنية أم مركز خدمة عملاء؟


أنباء الوطن -

نضال المجالي 

قد تكون مقولة ورسالة حزب عزم المشهورة والصادقة "شورنا من راسنا"، والتي أطلقها منذ خيوط التأسيس الأولى، تحدد الفرق بين عمل كل الأحزاب الأردنية وبين أي حزب اختار أن ينصاع لمشورة خارج حدود الوطن، حتى أنك تجد أعضاءه مقتنعين أنه لم يكن يوما "شورهم من رأسهم"! بل بدأوا وتمددوا واستكملوا مهمتهم اتباعاً لغايات ومهام وأيديولوجيا هم موظفون لا أكثر في الالتزام بتنفيذها، وكأنهم عاملون لإحدى شركات استقبال الاتصالات ضمن "مركز خدمة العملاء" وأي عملاء هم؟

 

أي عملاء هم!؟ ليس اتهاما بل سؤال يستوجب إلزام الإجابة عليه من قياداتهم، لمعرفة جهات وشخوص ومرجعيات التوجيه خارجيا وداخليا، ليتم بعدها التصحيح على ورقة الإجابة من قبل مختصين في أنظمة ومصالح وحقوق الأردنيين جميعا على تراب هذا الوطن، ثم مراجعة ومقارنة الإجابة مع ما نشهده في كل مرة كانت فيها دعوات وهتافات ورسائل تمس سلامة ومستقبل الوطن وممتلكاته وأفراده وفوق كل ذلك أعلاها من جيش عربي مصطفوي عظيم وأجهزة أمنية، كونها جمعت بين أفرادها في كل مرة ينظمون فيها لقاء أو وقفة أو مسيرة إما ممن تلقوا الاتصال الخارجي أو من غيرهم أو ممن استفادوا من دعوتهم للنزول إلى الشارع سعيا لتكون مسرحا لفتنة وتخريب وأن لم يكونوا أنصارا لأيديولوجيتهم، وأجزم أن بينهم- وأقصد حزبهم أو أي تصنيف يسعى للفوضى- من هو صادق نحو مصلحة الوطن، ولكن تتوه فيه كلماته وزمانه وبرنامج عمله، وما أن يلبث ليعود بكامل الصدق والوعي لمصلحة واحدة هي الوطن، وشهدنا في سنوات سبقت كثيرا من رجالات الوطن ممن اكتشف الحقيقة فعجل الخروج الآمن الواعي من عباءات متنوعة مقدما مصلحة الوطن على أن يبقى ضمن موظفي "مركز خدمة العملاء".

ما نعيشه من تفريغ للشحنات لديهم بشكل يومي، كان منه القليل ما هو مقبول ومسموح وضمن حدود المنطق، وحتى أننا رأينا في بعضه قبولا له من أطياف كثيرة ولكن كان وقوفا وتضامنا وتعبيرا لنصرة شعب فلسطين وغزة وليس دعوتهم وأساس فكر توجيههم، فكان الاختيار للفكرة والقضية، وكانت كافة الأجهزة الأمنية والمواطنين حولهم صونا وحماية وقبولا في مضمون القضية لا شكل التنفيذ، فبذل حينها رجال الأمن والدرك الجهد العظيم لضبط الإيقاع بإسهام مكتمل الوعي كما هم دائما، ووقفوا بهيبة بدون تعب من كل مرتباته، متجاوزين التعطل والتعطيل لإيمانهم أن الأردن وطن الكلمة والموقف والرسالة الحرة، حتى وإن غاب علم الأردن العالي عن مسيرات كثيرة شهدناها في شوارع الأردن إلا انه كان مرفوعا دائما في كل محفل وقف فيه جلالة الملك سندا للقضية الفلسطينية وكل قضية عروبية.

في مسلسل أشبه بمسلسلات رمضان المنتهي التي غاب عنها كل أشكال المضمون والفن الراقي، نعيش مسلسلا تجاوز 500 حلقة من خطابات واتهامات ووقفات ودعوات وبيانات وشتائم كان في كثير منها ما يمس أمن الوطن وسلامته تحت مسمى "قضية" هي عنها ببعيد، ما لم يكن المقصد منها "صناعة الفوضى والخلل"، وكان قد سبقها مواسم طويلة لإنتاج فني لذات الغاية، والتي لم تكن سوى إثارة ورقص وهتافات مرفوضة وإضاعة للوقت وتعطيل للمصالح، مما يستوجب تدخل "الرقابة" العاجلة والمباشرة بقص وشطب وإزالة كل أشكال وأصوات من يحقق الضرر أو يمس بالذوق العام لبلد آمن وسط لهيب مشتعل، مما يؤكد أن لا مساحة لشرارة فكر ودعوة قد تجمع الغث والسمين في مكان واحد فكانت أداة لغيرهم. 

وعودة للسؤال الموجه والإجابة عليه، نحن اليوم بأشد الحاجة لتصحيح ورق ولغة وسلوك الإجابة، وأرى أن على مؤسسات الدولة الرسمية المختصة تعجيل إصدار النتيجة وإعلان الرسوب لهذه الفئات، وأقصد كل من وقف خلف فرصة أغلبها للمناطحة والفوضى والمساس بأركان الدولة الأمنية والجيش العظيم، ونحتاج إلى ما هو أبعد من الاكتفاء بما قدمه كل مسؤول أردني من خطب وتصريحات إلكترونية كما كانت على منصات التواصل الاجتماعي لحساباتهم الشخصية أو المواقع الإخبارية أو كانت تحت قبة البرلمان قبل أيام والتي لم يذكر أي منها صراحة هذه الجهات والفئات بالاسم وكأننا نخجل منهم، ودون إتاحة أي فرصة لأي من دعاة الخراب والفوضى لدورة صيفية أو شتوية.

ما نشهده من كثير ممن هم من أتباع وفكر رموز وخريجي وهواة هذه الفئة- وأقصد أي فئة وتصنيف أو فرد يسعى للفوضى- على الساحة يؤكد تراجع مستوى الإنتاج والصدق لخدمة الوطن، الذي لم ولن يكن متاحا أن يستمر بقبول مغامرات غير مضبوطة، مؤكدا ضرورة العمل الجاد على إلغاء تعليمات الترقية والنجاح التلقائي المتكررة في وصف دورهم وتواجدهم منذ سنوات بعد كل رسوب، ضمن مبرر ادعائهم أو دعم غيرهم أنهم مكون وطني وأبناء للوطن! فالمكون الوطني مكون فكري وعقائدي وسلوكي واحد لا يتجزأ تبعا لمصالح غير معلنة وتبعيات لجهات خارجية مغرضة، ولنضمن عدم زيادة تمددهم معتمدين على عناوين وسيرة تاريخ فارغة، لا عمل حقيقيا لها سوى تحقيق الضياع الذي هو عن "شوارب" من يسنده ببعيد، وإن كان هناك ضرورة مطلوبة لتفريغ الشحنات، فهو تفريغ يجب أن يصب في وحدة الصف ومصلحة الأردن وفق قراره وسيادته وقيادته، وأما غير ذلك فهو اتهام وتفريغ مرفوض، وإن أجابني أحدهم: "هي نزوة وسيعود" سأجيبه مستشهدا بالقول المأثور ومنهم من قال إنه ورد في حديث حسن "به فابْدأ".