أسامة نصير… رئيسٌ أعاد “آل البيت” إلى مقعد المبادرة

في ظرفٍ ماليٍّ صعب، وفي مشهد جامعيٍّ تتنازعه المتطلبات الأكاديمية والقيود التشغيلية، برز اسم الأستاذ الدكتور أسامة نصير بوصفه رئيسًا استطاع أن يحوّل شُحّ الموارد إلى محفّزٍ للإنجاز. فبعد صدور الإرادة الملكية السامية بتعيينه رئيسًا لجامعة آل البيت، بدأ بصياغة نهجٍ عملي يستند إلى التخطيط، والجرأة المحسوبة، والشراكات الفاعلة، ليصبح خلال عامين علامةً فارقة في المشهد الأكاديمي الأردني.
أسامة خالد إبراهيم نصير، أستاذ الهندسة المدنية في تخصص الجيوتكنيك، حاصل على الدكتوراه من جامعة أكرون الأميركية، ودرجتي الماجستير والبكالوريوس من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وهو من القيادات الأكاديمية التي جمعت بين دقّة المهندس ورؤية الإداري. وقد وظّف خبرته العلمية في بناء استراتيجية تطوير شاملة للجامعة ترتكز على الجودة والإبداع والمسؤولية المجتمعية.
منذ تولّيه، أعلن العمل وفق خطة استراتيجية متكاملة تركّز على تطوير البرامج الأكاديمية واستحداث تخصصات حديثة تُحاكي احتياجات السوق المحلي والإقليمي، مع تعزيز التعليم التقني والتطبيقي. هذا التوجّه تُرجم على أرض الواقع من خلال إنشاء كلية التعليم التقني التي تضم أحد عشر برنامج دبلوم نوعي، واستحداث كلية التربية البدنية الرياضية، بالإضافة إلى سبعة برامج بكالوريوس وأربعة برامج دراسات عليا جديدة. كما أُعيد تأهيل البنية التحتية والمختبرات، خصوصًا في كلية العلوم الطبية المستحدثة، ما منح الجامعة دفعة نوعية نحو التميز.
إلى جانب التطوير الأكاديمي، ركّز نصير على مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، داعيًا الطلبة إلى التفكير في تخصصات غير تقليدية تفتح أمامهم آفاق التوظيف والمشاريع الريادية. كما أعاد تنشيط الحياة الجامعية من خلال دعم الأنشطة الطلابية ومجالس الطلبة والحياة الحزبية داخل الحرم الجامعي، بما يعزز قيم المشاركة والمسؤولية المدنية.
وخارج أسوار الجامعة، اتّجه نصير نحو دبلوماسية جامعية ذكية، فبادر إلى عقد شراكات واتفاقيات تعاون مع جامعات ومراكز بحثية عربية ودولية. استقبل وفودًا من دول عدّة، بينها ماليزيا وبلجيكا وباكستان، وأبرم اتفاقيات تعاون مع المركز الوطني للبحث والتطوير ومؤسسات أخرى لدعم البحث العلمي والابتكار. هذه الانفتاحات أسهمت في تعزيز مكانة الجامعة على المستويين الإقليمي والدولي، وفتحت أمام طلبتها وأساتذتها آفاق تبادل أكاديمي وبحثي متقدّمة.
ولعلّ من أبرز إنجازات المرحلة، إدراج جامعة آل البيت في تصنيف Times Higher Education لعام 2025 ضمن الفئة (801–1000) عالميًا، وحصولها على المركز الثاني بين الجامعات الحكومية الأردنية، وهو إنجاز غير مسبوق للجامعة يعكس فاعلية الإدارة الجديدة وإصرارها على التقدّم رغم محدودية الإمكانات.
لم تقتصر إنجازاته على الجانب الأكاديمي فقط، بل شملت تطوير بيئة العمل الإدارية وتعزيز الانضباط المؤسسي بروحٍ إنسانية راقية، وهو ما انعكس على رضا العاملين والأساتذة ورفع وتيرة الإنتاج والالتزام داخل الجامعة. فقد وُصف نصير بأنه "رئيس يسمع وينفّذ"، قادر على اتخاذ قرارات مدروسة تراعي المصلحة العامة دون الإضرار بحقوق الأفراد.
وفي نشاطات الجامعة المجتمعية، كان الدكتور نصير حريصًا على الانخراط في المبادرات الوطنية، مثل رعايته لبرامج التدريب والتأهيل ضمن مشروع “إسعَ” عبر مركز التميّز لريادة الأعمال، مؤكدًا أن الجامعة لا تخرّج طلبة فقط، بل تُخرّج قادة ومبدعين.
اليوم، وبعد عامين من قيادته، يمكن القول إن الدكتور أسامة نصير لم يكن مجرد رئيسٍ إداريٍّ لجامعة آل البيت، بل كان مهندسَ نهضةٍ أكاديميةٍ هادئة، جمع بين الحزم والرؤية، وبين الواقعية والطموح. جعل من الجامعة نموذجًا يُحتذى في كيف يمكن تحويل الصعوبات إلى فرص، والمحدودية إلى طاقة.
إنه ببساطة: رئيس أعاد لجامعة آل البيت مكانتها، جامعة تُشبه مجتمعها… وتسبقه بخطوة.
حسام حداد