أنباء الوطن - على غير العادة كن لدي أمل في هذا اليوم وأنا أطالع المواقع الإخبارية الأردنية أن أقرأ خبرا يسر الخاطر في هذه الأجواء المثيرة للغثيان في واقعنا العربي ، إلا أن آمالي باءت بالفشل كالعادة ، حيث كانت صدمتي كبيرة وأنا أتصفح إحدى الصحف الأردنية عندما قرأت ما نشرته على إحدى صفحاتها فيما يتعلق بأعداد الذين يحق لهم التصويت في مدينة جرش لهذه الدورة الانتخابية ، موضحة في هذا الخبر عدد الناخبين الخاص بكل مدينة وقرية ومخيم ، الصدمة كانت عندما قرأت الرقم الذي يخص مخيم سوف حيث كان الرقم " 9110" ناخب يحق لهم التصويت ! الصدمة يا أعزائي كانت لأن عدد الذين كان يحق لهم التصويت من مخيم سوف في الدورة الماضية كان "4300 " ناخب وذلك حسب تصريح نهائي من قبل مصدر في دائرة الأحوال المدنية بجرش لإحدى الصحف الأردنية، وعند عودتي لملفات الهيئة المستقلة للانتخابات وجدت الرقم هو" 5610" ناخب، ورغم التضارب بين الرقمين إلا أنني سأفترض حسن النية وسأعتمد على رقم الهيئة المستقلة ، وبناء عليه يكون العدد الزائد عن الدورة السابقة هو "3500 " ناخب ! بمعنى آخر أي بنسبة زيادة تفوق 62% .
حاولت أن أفترض حسن النوايا وبدأت أعلل الفرق بين الرقمين بعدة طرق كان أولها أن جبهة العمل الإسلامي لم تشارك الدورة الماضية والآن سوف تشارك ، هذا على افتراض أن مؤيدوها كلهم لم يسجلوا للاقتراع في الدورة الماضية " ولكني استبعدت هذا الاحتمال مباشرة فليس من المعقول أن يكون عدد الناخبين المؤيدين لجبهة العمل الإسلامي في هذا المخيم هو "3500 "ناخب ، لأنها لو كانت كذلك لكان أي مرشح للجبهة سيكون فائزا بالانتخابات بنسبة 90% قبل أن تحدث ، أيضا حاولت أن أضع رقما افتراضيا لعدد الناخبين الذين أتموا الثامنة عشرة قبل هذه الدورة ولكن كل الأرقام خذلتني مرة أخرى فهو كبير جدا مقارنة بعدد سكان المخيم المقدر بـ "12084" ألف نسمة وذلك حسب تقدير التعداد السكاني الأخير ، فمن المستحيل أن تصل نسبة الزيادة إلى هذا الحد ، عدت وحاولت أيضا أن أضع رقما للذين غادروا المخيم وسكنوا في مناطق أخرى ، ولكني وجدت أن العدد قليل جدا خاصة وأن الغالبية العظمى تركت المخيم لتقطن في مناطق أخرى داخل المحافظة ، أي أن أصواتهم لم تخرج من الدائرة أصلا ، لم أقنط وحاولت أن أضع رقما تقريبيا للثلاثة فئات السابقة " الناخبين الجدد ، ومؤيدي جبهة العمل، والذين غادروا المخيم " فلم يقترب أي رقم من الرقم الزائد وهو "3500" تاه ذهني كثيرا وأنا أحاول أن أجد مبررا لهذه الزيادة ولكن أصل لنتيجة يقبل بها ليس عقلي فقط بل لا يقبلها عقل صغيري آدم .
للعلم حاولت مقارنة هذا الأمر مع قرى وبلدات أخرى في جرش فلم أجد وضعا شبيها له فالأرقام فيها قريبة من المنطق مقارنة مع أرقام الدورة السابقة ولا تشير إلى شيء غريب ، لكن في حالة مخيم سوف الأمر يبقى مثيرا للشكوك .
لذلك لم يبق أمامي في هذه اللحظة إلا إبعاد حسن النوايا الذي لازمني طيلة حياتي وخيب ظني مرارا ، فبدأت بالتفكير بحالتين لم أكن أريد أن يصل ذهني إليها ، ولكن هذا ما كان وكانت الحالة الأولى مثيرة للسخرية وهي أن نساء مخيم سوف تحولن إلى أرانب وأنجبن خلال الثلاث سنوات الماضية ما لا يقل عن ألف "1000"مولود جديد على الأقل ، ولكن ولكي يستقيم الأمر كان يجب أن تكون مدة حملهن دامت ثمانية عشر عاما حتى يكون هؤلاء المواليد بعمر الثامنة عشرة الآن لكي يتمكنوا من الاقتراع !! نعم الأمر أصبح مثيرا للسخرية .
ولكن ماذا عن الحالة الثانية والتي تثير الاشمئزاز ألا وهي أن هناك عملية ترانسفير عكسية حدثت أي نقل وترحيل لأصوات من خارج محافظة جرش على الأرجح ، إلى منطقة مخيم سوف ، وأنا لا أستبعدها كاحتمال أخير خاصة وأننا في جرش لنا سابقة في هذا المجال ففي إحدى الدورات السابقة رُحلت أصوات من خارج المحافظة يتعدى عددها الألف وخمسمائة صوت ، وكان غالبيتها في منطقة الجبارات بجرش ، وأظن أن أهالي جرش لم ينسوا هذه السابقة ، فقد كانت ممنهجة ومعد لها بشكل دقيق ، والملفات ما زالت موجودة ولا يستطيع أي مسئول تفنيد هذا الأمر ، لذلك يبدو أن هذا ما يحصل الآن والله أعلم .
الكرة في ملعب الهيئة المستقلة للانتخابات فعليها توضيح الأمر بصورة تبين للجميع من أين جاء هذا العدد الإضافي للناخبين الجدد ، فلا يعقل أن يكون عدد الذين يحق لهم التصويت في مخيم سوف "9110" ناخب رغم أن إجمالي عدد سكان المخيم هو " 12084"، فوفقا لهذه الأرقام فان عدد الأطفال تحت سن الثامنة عشرة في المخيم هو "2974" .
الأمر تعدى حدود المنطق ، وأصبح التَندُر بهذا الأمر حديث الشارع في محافظة جرش ، أتمنى أن يخيب ظني بالاحتمالات السيئة التي ذكرتها ، لأنها إن ثبتت فهي بالتأكيد تكررت في مناطق أخرى من وطننا العزيز ، وهي تمثل فضيحة كبرى بكل المقاييس ، وتجربتنا بالانتخابات النيابية في الأردن مرة ولا تحتمل فضائح جديدة .
ماجد عبد العزيز غانم
جرش 12/7/2016
هاتف 0772675691
majeduothman@yahoo.com