أنباء الوطن - أجمع خبراء ومستشارون في شبكات التواصل الاجتماعي على أن واقع الانفلات في هذه الشبكات بات مؤشرا مقلقا وخطيرا ، يستدعي تكاثف الجهود في مواجهة الحرب الالكترونية ضد الارهاب، بإيجاد آلية لتحصين الشبكات من تفشي الاشاعات المغرضة والحد من سوء استغلال حرية التعبير ونشر خطاب الكراهية.
ودعوا الى مواجهة الحسابات الوهمية وبالخصوص التي تبث الأفكار المتطرفة والتحرك لتنظيم شبكات التواصل الاجتماعي وتفعيل القوانين النافذة حاليا وتشديد العقوبات على المسيئين ، مطالبين في الوقت ذاته بالتركيز على أهمية الحسابات الرسمية وتفعيلها أولا بأول .
وأكدوا في حديث لوكالة الانباء الاردنية أهمية توعية الشباب وايجاد مدونة سلوكية واخلاقية في استخدام هذه المواقع في ظل تزايد أعداد المشتركين لحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي من فئة الشباب.
وقال المستشار والمدرب لمواقع التواصل الاجتماعي خالد الاحمد أن حالة الانفلات والاساءات والسلبية التي شهدناها في حالات متعددة عبر هذه الشبكات في احداث متعددة في الاردن مؤشر مقلق وخطير.
وأضاف أنه بحسب هيئة تنظيم قطاع الاتصالات للعام الحالي يوجد 7ر8 مليون اشتراك انترنت في الاردن، مشيرا الى ان الارقام التقديرية تشير الى وجود 8ر4 مليون حساب اردني على الفيسبوك ومليون على الانستغرام و350 ألف على التويتر و6 ملايين على الواتساب، وان اقبالا وانتشارا متزايدا لاستخدام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في الاردن والعالم مع انتشار شبكات الجيل الثالث والرابع وانتشار الهواتف الذكية.
وأشار الى ان كل الدراسات والاحصاءات تؤكد ان نسبة كبيرة من المستخدمين والداخلين الجدد على هذه الشبكات هم من فئة الشباب، وهذا يلقي علينا بمسؤولية كخبراء وحكومة ومؤسسات واعلام في توعية الشباب بالاستخدامات الايجابية لهذه الشبكات وتطويعها لخدمة حياتنا الاجتماعية والعملية، حيثي وجد نسبة من الشباب اسست افكارا وشركات طوعت شبكات التواصل الاجتماعي للتسويق وبيع المنتجات والخدمات المختلفة.
واضاف اعتقد اننا بحاجة الى ما يشبه مدونة سلوكيات واخلاقيات لاستخدامات هذه الشبكات وحملات توعية تقوم بها مؤسسات واعلام لتوعية الشباب بخطورة وتاثير السلبية والانتهاكات عبر هذه الشبكات.
أما عن موضوع الحسابات الوهمية وبخاصة التي تبث الأفكار المتطرفة فبين وجود تعاون حكومي مع هذه المنصات الاجتماعية للتواصل المباشر لإغلاق هذه الحسابات أو حجبها عن البلد المعني، وتقوم منصة الفيسبوك والتويتر بنشر تقرير نصف شهري عن حجم البلاغات من كل حكومة في العالم، ما يستدعي الانتباه والتحرك لمواجهته ولكننا مع تطوير وتفعيل القوانين النافذة حاليا وتشديد العقوبات على المسيئين ، وتسريع اجراءات الشكاوى وملاحقة هؤلاء المسيئين عبر هذه الشبكات من خلال القوانين الحالية بدلا من صرف وقت في صوغ قانون جديد متخصص لهذه الشبكات.
وفيما يتعلق بإيجاد قانون ينظم عمل مواقع التواصل الاجتماعي قال لا يزال توجه الحكومة غير واضح حتى الان، ولا توجد تفاصيل بشأنه وبخاصة فيما اذا كان يعالج بالتفصيل ، ومن الجهة التي ستقوم على تنفيذه، وهل يمكن ان يضيف شيئا على البنود القانونية الواردة في تشريعات وقوانين موجودة ونافذة حاليا في الاردن مثل : قانون الاتصالات، والعقوبات، والجرائم الالكترونية، والمعاملات الالكترونية وغيرها من القوانين.
واشار الى عدم وجود تجارب دولية في اصدار تشريع خاص بهذه الشبكات ، فضلا عن صعوبات قد تواجه تطبيقه مع الحجم الكبير للمستخدمين على هذه الشبكات فضلا عن التطور الكبير والمتسارع في ظهور تطبيقات وشبكات جديدة باستمرار.
وقال يوجد باستمرار استخدامات ايجابية وسلبية على هذه الشبكات، وشهدنا في الاردن احداثا كثيرة طغت فيها السلبية وظهرت من بعض فئات خطابات كراهية وبغض النظر عن القوانين الموجودة او التوجه لايجاد قانون جديد اعتقد ان التوعية هي عامل مهم للحد من الاساءات.
واوضح ان تسريع اجراءات الشكوى وملاحقة المسيئين من خلال التشريعات النافذة يمكن ان يحد من هذه الاستخدامات السلبية.
من جهته قال خبير مواقع التواصل الاجتماعي وأستاذ التسويق في الجامعة الاردنية الدكتور رامي الدويري أنه من الاهمية إصدار تشريع ينظم عمل وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل ما تشهده الوسائل من فوضى وانتشار خطاب الكراهية، التي باتت أمرا مقلقا ومزعجا للكثيرين.
وأضاف أن الذي يبث خطاب الكراهية والفتنة بين مستخدمي ومتصفحي مواقع التواصل عادة ما يكون له شخصيتين ، الاولى شخصية افتراضية في هذا العالم الافتراضي، فيعتقد بذلك أن له حرية التعبير بلا حدود فينشر تلك الخطابات، أما شخصيته الثانية واقعية في حياته العادية بين الناس.
وأوضح أن البشرية كانت في بداياتها تحيا وتعيش وتموت دون الاختلاط بغير المحيط العائلي او القبلي، لكن في واقعنا المعاصر تسنت الفرصة للبشرية لان تعيش في خليط من الثقافات والأصول والاعراق والديانات، متسائلا هل أصبحنا نخاف الاختلاف ونخشاه، لأن ما يحدث هو الذي أوجد لدينا بما يعرف خطاب الكراهية وعدم تقبل الاخر.
واشار الى وجود مغالطات في حرية التعبير وسوء استخدام هذه المواقع ونشر خطاب الكراهية، وإن وجود هذا القانون يضبط ما يجري في هذه المواقع، وإذا دخل حيز التنفيذ فيشكل رادعا لعملية الاشاعات المغرضة واليات انتشارها، إذ ان مستخدم الموقع ينقل المعلومة دون التثبت منها وينقل أخبارا خاطئة غير مؤكدة.
وقال الدويري أن نظرية التسويق الاجتماعي أكثر تأثيرا في رواج وانتقال الافكار، ما يستدعي وجود آلية لضبط المعلومات الخاطئة والاشاعات المغرضة، مشيدا في الوقت ذاته بوحدة الجرائم الالكترونية في مديرية الأمن العام ودورها التوعوي في هذا السياق، إذ ان المجتمع بحاجة الى هذه البرامج التوعوية.
أما مستشار الاتصال والمتخصص في تغطية قضايا الخدمات العامة واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي المهندس حسن حمد فقال إن توجه الحكومة لإصدار قانون ينظم العمل في وسائل التواصل الاجتماعي، خطوة في مسارها الصحيح في ظل الازمات التي تتعرض لها المنطقة ، وكذلك في جميع المواضيع والقضايا والاحداث التي تشغل الرأي العام.
وأضاف كل هذه القضايا والاراء التي تصاحبها يتم تعبئتها وتدشينها في مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعتبر سهلة الاستخدام ومتوفرة بين أيدي الكثيرين لسهولة الاشتراك بالانترنت من خلال عروض الشركات المزودة للانترنت.
وبين أنه يجب متابعة ورصد ما ينشر من فيديوهات ومعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، مشيرا الى خطاب ولي العهد سمو الامير حسين في مجلس الامن في العام 2015، حينما قال " إن الشباب هم الشريحة الأكثر تواجدا على الإنترنت، والجماعات المتطرفة تبث سمومها عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي لاستمالة الضحايا لدخول عالمهم المظلم، مدَّعين مخاطبتهم بالدين والثواب من خلال أفلام مسجلة بتقنيات جذابة، فينظر الشباب إلى تلك الفئات بانبهار، وبأن جرائمهم إنجازات عظيمة".
وقال من هذا المنطلق لابد من التركيز على فئة الشباب، تجنبا للتطرف ، والتصدي للحسابات الوهمية، إذ قامت الفيس بوك بتغيير خوارزمياتها لمساعدة الحكومات في إلغاء الحسابات الوهمية.
وأشار الى أهمية التركيز على الحسابات الرسمية ، وتغيير نهج التعامل معها، بحيث تكون مواكبة للتكنولوجيا، وذات مصدر للتزويد المتصفحين بآخر الاخبار والمعلومات الصحيحة.
وقال خبير التواصل الاجتماعي المهندس غفار العالم أن وجود تشريع لينظم مواقع التواصل الاجتماعي هو في غاية الاهمية ، بالرغم من أنه جاءت هذه الفكرة متأخرة، وكان لابد من اتخاذ هذه الخطوة منذ بدايات ظهور التطرف ، حتى لا نصل الى ما وصلنا اليه.
وبين أن التطرف هو فكر منحرف، ويجب محاربته بشتى الطرق بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي ، اذ توجد العديد من الحسابات الوهمية التي تغرق ساحة التواصل الاجتماعي بالافكار المتطرفة ، والتي تكون هذه الحسابات عادة من خارج البلاد.
وأوضح أن قانون تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي من الاهمية فيه مراعاته لخصوصية الناس ولا يقنن حرياتهم، فمواقع التواصل الاجتماعي هي ملاذ البعض لبث همومهم ومتنفسهم في التعبير.
وأشار الى ضرورة تفعيل الحسابات الرسمية للدوائر والمؤسسات الحكومية ليتيقن الناس من حقيقة المعلومات وتزودهم بها قبل ان يحصلوا عليها من مواقع أخرى والتي تكون في كثير منها مشوه أو مبتورة الحقيقة.
وبين أهمية تعامل الجهات الرسمية مع المواطنين من مبدأ الشفافية في إعطائهم المعلومة الاولية بحقيقتها وزرع الافكار والرسائل الايجابية لدى قادة الرأي العام المؤثرين من أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي بما يسهم في الحد من خطاب الكراهية.
وقال نحن في حالة حرب الكترونية ضد الارهاب ، ووحدة الجرائم الالكترونية التابعة لمديرية الامن العام تقوم بدورها على أكمل وجه، مبينا أهمية استغلال طاقات الشباب في توظيفهم لدعم التوجه الحكومي في الحد من خطاب الكراهية والارهاب والتطرف باقتناص المواقع والحسابات الوهمية واصحاب الفكر الضلالي والمتطرف.