حضور مهيب لمسرحية سلالم يعقوب


أنباء الوطن -

عرض مسرحي بصري أضاف الى المسرح الاردني تجربة جديدة و اعاد هيبة الحضور المسرحي بحضور مهيب ومنوع من جميع اطياف المجتمع المثقف و الذواق ويعتبر هذا العرض عملا بصريا دراميا يحاكي واقعنا العربي بجدلية العلم والابتكار ، وعالم الشد العكسي ، صور بصرية متتالية مكثفة مختزلة تشكلت في مشاهد تحكي قصة يعقوب ، تقطعها تلك الحوارات المختزلة التي تؤكد وتعزز الفعل المسرحي والاداء المتقن المفعم بلغة جسد عالية التقنية منفعلة كما لو كانت تجمع كل الثقافات في رداء واحد.

سلالم يعقوب من فكرة و اخراج الدكتور الحاكم مسعود يساعده بالاخرج محمد عشا و حيث يرتكز الاهتمام بالاستكشاف العلمي في هذا العمل عبر التركيز على التجليات العلمية موارية لحواس الطاقة المرتبطة بها و قد طرح هذا الصعود المدوي للتقنية العلمية اشكالا مزدوجا أمام الانسان المتفاعل معها و الغارق في سياقها. 

هذه الجدلية بين العلم و الانسان تفرض علينا طقوسا درامية للتعاطي مع حقيقة الانسان العربي وسط هذا الكم الهائل من التفتت و ضياع المفاهيم و في زمن تملؤه النزاعات و تمزق الهويات و استعمار الذات البشرية , عالم مسموع , طفولة لا غد فيها , و حاضر بلا ذاكرة , موت مجاني منزوع القدسية و مسلوب المعنى , ليكون الأمل –وسط هذا - طوق نجاة وحيد في معركة وجود يومية . 

وبما ان فلسفة العمل ومقولته بحاجة الى ذوي الخبرة والقدرة العالية على التمثيل وتجسيد الانفعالات بلغة الجسد الواضحة ، فقد تم اختيار الفنان عماد الشاعر وهو ممثل محترف مثقف وايضا 
مخرج مسرحي وناقد ، تم اختياره للعب دور يعقوب تلك الشخصية التي كانت بحاجة الى فهم فلسفي عميق من الممثل في تنفيذ الرؤيا الاخراجية والحقيقة ان هذا الممثل قد تعمق في الشخصية وفلسفة العمل واظهر مرونة عالية واحترافا نادرا ، خلقت بصمة ابداعية للممثل خاصة تتماهى وخصوصية العمل .

زوجة يعقوب الفنانة المبدعة نبال العوضي وهذه هي المرة الاولى لها على المسرح ، لكنها تمتلك طاقة وقدرة هائلة واحترافا واضحا ، ترى من خلاله الممثلة قد عاشت حياتها على خشبة المسرح وقد اضافت الكثير لروح الشخصية وجعلتها حاضرة ، الفنان المخضرم نبيل كوني الذي اتقن ما يفعل لدرجة الاستفزاز في تجلي محكم الاتقان في ادارته للشد العكسي بحركاته وانفعالاته المختزلة المركبة ، داليا الحاج " كبير المعاونين" والتي بجملها المسرحية الفاعلة والمتكلمة تهتز خشبة المسرح في كل ظهور لها ، قدمها عمل سلالم يعقوب ، تلعب دور الابنة الممثلة والراقصة التعبيرية ياسمين مروم والتي تعكس الحقيقة وتأتي تلك الشخصية تعلن لحظات من الامل في كل هذا التوتر المؤلم ،هي نسمة خفيفة متقنة على الخشبة والشخصيات المعاونة التي حفزت الصراع وخططت له خاصة مع شخصية الابن وسيطرت عليه احيانا واشتركت في اللعبة عند حضورهم المسرحي الشخصيات المعاونة اداها لطفي فحماوي الذي كان يحبك الصراع ويوجهه وينفذه ، ومحمود حماد الذي كان يساوم ويناور ويخطط ويعترف ، اما الابن هذا المراهق المقنع بمراهقته وانقلابه على اسرته وانضمامه لعناصر السلب ادى دوره ابراهيم عشا ،الذي اداها الممثل المراهقة الضائعة وقسوة المحيط ، لينتهي مختنقا على يد معاون يعقوب الذي لعب المخرج دوره و كل هذه الشخصيات الشابة هي طاقة هائلة تعتبر هدية للفن الاردني و وجوه جديدة مليئة بالشغف والجدية والطموح والعمل ودعم نجاح هذه التجربة وجود جهة منتجة للعمل وهي كوارتز الدولية للتدريب و الاعلام.