فنان فلسطيني.. دفن بمقبرة إسلامية وعزاء بكنيسة
ترك فنان فلسطيني داخل أراضي 48 رسالة وطنية وحدوية في مماته، بعدما غرق في البحر الأبيض المتوسط خلال محاولته إنقاذ زميلة له من بين الأمواج العاتية.
وكان الفنان المختص بالرقص الصوفي أيمن صفية (29 عاما) من بلدة كفر ياسيف في الجليل، قد غرق ليلة الأحد الماضي قبالة سواحل بلدة عتليت جنوبي حيفا عندما كان في نزهة مع مجموعة من رفاقه، وفقد جثمانه طيلة أربعة أيام حتى عثر عليه الأربعاء وتم تشييع جثمانه في مسقط رأسه بمشاركة آلاف من فلسطينيي الداخل.
وروى بعض من كانوا في النزهة في تلك الليلة، أن الراحل صفية قد سارع لإنقاذ صديقة نزلت للاستحمام وما لبثت أن بدأت تستغيث من الغرق، فهبّ لنجدتها، لكن موجة عملاقة قذفتها في تلك اللحظة نحو الساحل وابتلعته بسرعة البرق وكأنه لم يكن.
وفي بيان النعي، أوضحت عائلته أن الدفن سيتم في المقبرة الإسلامية بعد الصلاة عليه في مسجد كفر ياسيف، فيما يتم تقديم التعازي داخل كنيسة البلدة.
ونعت كل من وزارة الثقافة الفلسطينية الفنان أيمن صفية، وأكدت في بيان “اعتزازها بأيمن فنانا ومناضلا، حيث لعب دورا مهما في الحملة العالمية لحركة المقاطعة الثقافية لدولة الاحتلال”. ودعت الوزارة الفنانين الفلسطينيين في كل مكان وفي أراضي 48، إلى الاستفادة من تجربة أيمن في رفض محاولات الشراء وتدجين الفلسطينيين في الداخل.
وأوضحت الوزارة في بيانها أن “الراحل أيمن صفية درس الرقص في مدرسة رامبرت للرقص المعاصر في لندن، وشارك في عروض عديدة، منها الكلاسيكية، والمعاصرة، بالإضافة إلى المسرحيات الغنائية، في عدد من المسارح الشهيرة في برودواي وغيرها، وعمل مع مصممي رقص وفنانين، محلياً وعالمياً”.
وعبّر رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة عن تعازيه لأسرة صفية، قائلا “إن مئات المتطوعين العرب واليهود الذين قدّموا لدعم الأسرة يثبتون أن روحه ما زالت معنا “.
وشارك الآلاف في تشييع الفنان أيمن صفية الذي عُثر على جثته الأربعاء، بعد أربعة أيام من اختفائه رغم بحث مئات المتطوعين عنه ليل نهار. وشارك في الجنازة فنانون وممثلون ورؤساء مجالس وأصدقاء ومعارف. وقال رئيس مجلس قرية كفر ياسيف المحامي شادي شويري: “إنه شاب موهوب رائد ويلهم العديد من الشباب في المجتمع العربي. وتمت مراسم الدفن داخل المقبرة الإسلامية في سابقة هي الأولى بالتعاون بين المجلس المحلي في قرية كفر ياسيف والأسرة، بينما يقام الحداد في قاعة الكنيسة الإنجيلية المعمدانية كفر ياسيف المحلية”.
وأضاف لـ”القدس العربي” إن “هذا الفعل يدل على حب الشعب الواحد وأهل القرية الواحدة، كل قرية كفر ياسيف والمجتمع العربي في حزن على هذه الخسارة، إنه شاب موهوب، مبدع وملهم”.
وقال هاشم صفية، والد الفنان، إنه كان من المفترض أن يحتفل أيمن بعيد الفطر مع الأسرة التي كانت تنتظر هذه اللحظة، لكن البحر انتزعه منها. وأضاف والدمع يغالبه: “نتلقى المزيد من الحب في هذه الأيام من كل مكان وهذا ما يميز المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل”.
وأثارت مراسم تشييع الجثمان غير التقليدية جدلا واسعا في منتديات التواصل الاجتماعي الفلسطينية في الداخل، حيث أكد كثيرون حق العائلة باختيار حزنها وتشييع جثمان عزيزها على طريقتها.
وكان الجثمان قد سُجي في ساحة أول أيار بعد الصلاة عليه لتمكين الآلاف من توديعه، فيما اختار بعض طلابه ومعارفه أداء رقصات صوفية كما كان يرقص هو بنفسه، مما دفع آخرين للتحفظ من ذلك معتبرين أن للموت هيبة وحرمة وتقاليد، ما أشعل جدلا حول موضوع الحق الشخصي والحيز الاجتماعي العام.