بيان صادر عن رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة
عمان في الثاني عشر من تموز لعام 2020
يروي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة قوله “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا”.
وبعد
لطالما شكلت التوجيهات الملكية السامية للسلطات كافة، طريقاً ومساراً يحفظ التوازن فيما بينها ويمنع تغولها على بعضها، واستطعنا بفضل وحكمة جلالة الملك عبد الله الثاني أن نجتاز عقبات ومحطات صعبة، برهن فيها الأردنيون تلاحماً وصلابة عز نظيرها وسط محيط متلاطم الأمواج، كانت فيه وستظل على الدوام حماية المصالح الوطنية المقدسة، وصون الدستور أهم تجلياتها.
وإذ نعاهد الله أن نبقى الأوفياء لعرش جلالة الملك عبد الله الثاني، لنؤكد أهمية إنفاذ التوجيهات الملكية السامية التي طالما نادت بسيادة القانون ومحاربة الفساد تحت مظلة الدستور، لا أن يتم تحويرها من قبل أجهزة في الدولة نحو استهداف مبرمج لرئيس مجلس النواب وأسرته وبالتالي ضرباً وتشويهاً لمؤسسة البرلمان.
لقد آليتُ الصمت وكظمت الغيظ منذ أول أيام التشهير التي طالت جميع الملفات والقضايا التي طرحت أمام الرأي العام مجتزأة، ومن موقعي كمشرع نظرتُ إلى القانون بكليته على أن يُطبق على الجميع باستقلالية تامة، متابعاً كغيري كل الأحكام المسبقة التي صدرت نتيجة التعسف باستخدام القانون والسلطة، وانتظرتُ لحظة الذهاب إلى القضاء الذي ما زلنا نؤكد بأنه الفيصل في كل الأحكام، لكن البعض أرادها عبر المماطلة والتسويف عنواناً لمرحلة أساسها المحاكمات الإلكترونية ليصبح البريء متهماً قبل أن تثبت إدانته.
إن ما يجري الآن يعد سابقة خطيرة ويتجاوز شرف الخصومة السياسية وصولاً لتشويه معيب لأسرة رئيس مجلس النواب، ويشكل استغلالاً للقانون في ظل غياب الرقابة القضائية والتشريعية على تطبيق أحكامه، كما يعكس انفراد السلطة التنفيذية وتغولها على السلطة القضائية رغم أن العدالة والسياسة ضدان لا يجتمعان، وهو ما حذر منه جلالة الملك عبد الله الثاني مراراً وتكراراً.
لقد برهنت الخطوات الأخيرة إن ما يجري ما هو إلا تغطية لأخطاء الفساد الإداري في الحكومات المتعاقبة عبر اتهامات منظمة دون مسوغ قانوني، والآن يبرز السؤال في مكانه “إذا أرادت المرجعيات المختصة في الدولة محاربة الفساد، لماذا تسكت عن قضايا الفساد الحقيقية وتنتهج الاستهداف لأسرتي وأشقائي في أمر لا علاقة له بالفساد”، ولو كان هنالك تعدٍ على القانون لكنتُ بنفسي أول من يطالب بتطبيقه عليهم، أما وإن المسألة غدت تشويهاً وتحطيماً عبر مسار لم يعد للقانون فيه مجرى، فإننا لا نقبل بأي شكل من الأشكال هذا الاستهداف.
لقد برهن كل ما تعرضنا إليه كأسرة، عبر الخطوات المتتالية والممنهجة في الاستهداف، ان هنالك استغلالاً حكومياً وتغولاً ينافي كل أدبيات القانون في العالم والتي تنص على أن علاقة الجهات الحكومية مع القطاع الخاص تحكمها العقود المدنية، لكن ما جرى كان تحويرها لتصبح قضايا جزائية، عبر ليّ النصوص القانونية.
وعليه لم نعد نعلم إلى أين تريد القوى الظلامية في بعض مفاصل الدولة الأردنية أن تصل بالوطن بعد أن استهدفت النسيج المجتمعي الأردني بأطيافه كافة.
وإذ نؤكد بأن صمتنا منذ الإجراءات الأولى لم يكن عجزاً أمام التهم الباطلة، بل كان انفاذاً للقانون وتعزيزاً لسيادته، ولمّا غدت المسألة استهدافاً، فإن الكرة اليوم بملعب الرأي العام، الذي بات فاعلا في الرقابة والاستناد لمنطق الأحكام، وليس الاستسلام لبيانات معلبة، جرى التجهيز لها بروح الخصومة وليس بروح القانون.
ختاماً وإذ نطالب بالإلتزام بأحكام الدستور الذي يفرض الفصل المرن والمتوازن بين السلطات، وعدم استغلال السلطة التنفيذية للأجهزة الرقابية لتحقيق مآربها السياسية، فإننا نؤكد ثباتنا على الحق مهما كان للباطل من ميادين وجولات، واضعين نصب أعيننا المصلحة الوطنية المقدسة وحماية شعبنا وخدمة ملكينا وأمتنا.