البدائل المقترحة لتوفير الإيرادات بدلا من اللجوء الى رفع الأسعار
زياد الرفاتي
شهدت السنوات السابقة ارتفاعات متعددة في الكثير من السلع والخدمات والكهرباء والمحروقات، حتى أن أسعار المحروقات أزيل الدعم عنها وتم تحرير أسعارها وأصبحت معومة تباع حسب السعر العالمي، بل وأضيف الى هذا السعر تكاليف وضرائب أخرى للوصول إلى سعر البيع النهائي.
وكانت آخر إضافة للضرائب إلى سعر البنزين في شهر تموز (يوليو) للعام 2016 ضريبة إضافية تحت مسمى ضريبة خاصة؛ أي أنه لم تترك أي تكاليف إلا وأضيفت على السعر وفوق ذلك أضيفت ضرائب خاصة، والتوجه الآن نحو فرض ضريبة أخرى بواقع 7 قروش لكل لتر من البنزين والكاز والسولار، وهذا يظهر أن إجراءات الرفع طوال الفترات الماضية كان أثرها بحل مشكلات آنية على المدى القصير، ولم تحقق حلولا مستدامة على المدى الطويل، ولا بد من معالجة الاختلالات في هيكلية الموازنة العامة بوضع خطة تمتد من 3-5 سنوات، وعدم التردد في البدء بها لتضع حلولا جذرية ودائمة للمشكلات المزمنة للانتهاء منها، ونود التنويه إلى أنه وفقا للدستور، فإن فرض الضرائب أو الرسوم لا يتم إلا بقانون.
ويمكن اللجوء الى بدائل أخرى بدون رفع الأسعار من خلال تخفيض النفقات، وهو يأتي في السياق نفسه للتوجيهات الملكية السامية للحكومة بهذا الخصوص، وفيما يلي أبرز هذه البدائل:
أولا: النفقات الرأسمالية
مراجعة بند النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة للدولة للعام 2017 البالغ 1.3 مليار دينار والذي جرى تخصيصها لمشاريع قائمة أو مستكملة أو جديدة؛ حيث يبلغ نصيب الجديدة منها 305 ملايين دينار والباقي للمشاريع القائمة والمستكملة، ويمكن أن تتم المراجعة كما يلي:
1. استخدام أسلوب الموازنة الموجهة بالنتائج والأهداف؛ أي أن يتم ربط الإنفاق الرأسمالي المتوقع بالنتائج والأهداف المرجوة من الإنفاق، ومساهمته في تحقيق التنمية وحفز النمو الاقتصادي ومدى الإمكانية في تحقيق ذلك، بحيث يتم ترتيب الأولويات للمشاريع حسب الأهمية، وعلى ضوء نتائج المراجعة يمكن الحكم على المشاريع التي يمكن تأجيلها هذا العام، إذا علمنا أن مبلغ 305 ملايين دينار المخصصة للمشاريع الرأسمالية الجديدة يمكن أن لا تكون في الأصل كافية لخلق نمو اقتصادي وفرص عمل.
ويمكن الاستفادة من التجربة السعودية لهذا العام في هذا المجال؛ حيث طبقت هذا الإجراء في موازنتها للعام 2017.
2. توجيه المنح الخارجية التي تكون خارج الموازنة العامة الواردة الى المملكة عن طريق وزارة التخطيط وغيرها للإنفاق الرأسمالي في الموازنة العامة، لا سيما في قطاعات الطاقة والمياه والتنمية المستدامة.
3. السعي الحثيث والمستمر لدى الدول الخليجية والدول الصديقة لتقديم الدعم للمشاريع الرأسمالية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الأردني والتداعيات الإقليمية المحيطة به، وتحمله لأعباء اللجوء السوري نيابة عن المجتمع الدولي الذي يجب أن يسهم في دعم المشاريع والموازنة التي يخصص جزءا كبيرا منها لتمويلها، لا أن يترك الأردن وحده يجابه هذه الأعباء التي أثقلت كاهله بموارده المحدودة وتركت أثرا قاسيا على الموازنة وزادت من أعبائه الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وبيان الدور المهم والمحوري الذي يقوم به الأردن في نصرة الأشقاء العرب والوقوف إلى جانبهم في كل الأوقات.
ويمكن للدول الشقيقة والصديقة تقاسم الأعباء لسد احتياجات الأردن الملحة في العام 2017.
4. الاستفادة من صندوق الاستثمار الأردني الذي ستسهم فيه البنوك المحلية والحكومتان الأردنية والسعودية؛ حيث ستسهم البنوك بمبلغ 210 ملايين دينار، والحكومة السعودية بمبلغ 3 مليارات دولار وتوجيه تمويل المشاريع للاستفادة من الصندوق.
5. ترك جزء من المشاريع للقطاع الخاص ليتولى تمويلها وقيادتها في إطار الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتخفيف الضغط عن موارد الموازنة العامة.
6. تأكيد أهمية كفاءة ومراقبة الإنفاق على المشاريع حسب سير عملها ومستويات الانجاز فيها، بحيث تتلاءم مع مستوى الإنفاق.
ثانيا: النفقات الجارية
1. مراجعة بنود النفقات الجارية، والوقوف على النفقات التشغيلية منها في سبيل تحديد النفقات التي يمكن إلغاؤها أو التخفيف منها أو ترشيدها، بحيث لا يؤثر ذلك بشكل جوهري على سير العمل والإنجاز، ويمكن تخفيض تلك النفقات بالأرقام المطلقة أو بنسبة مئوية عامة يتم تحديدها.
2. ملاحقة التهرب الضريبي على المكلفين بشتى الوسائل الممكنة، والذي يصل حجمه حاليا إلى ملياري دينار.
3. تنشيط عمليات التحصيل من الضرائب، وتحفيز القائمين عليها لبذل أقصى جهودهم في ذلك.
4. إلغاء الوحدات الحكومية المستقلة التي تتشابه في أعمالها مع وزارات ودوائر حكومية قائمة وضمها إليها إن تطلب الأمر ذلك منعا للتضارب، فلا حاجة لها في ظل وجود وزارات ودوائر حكومية وذلك تخفيفا من نفقاتها.
5. دمج الوحدات المستقلة المتماثلة في العمل والمهام للتقليل من عددها وحجم إنفاقها.
6. الوقوف على أسباب خسائر الوحدات المستقلة التي تزيد نفقاتها على إيراداتها وتتلقى الدعم من الموازنة العامة لتغطية تلك الخسائر، واتخاذ القرار المناسب بشأنها.
7. ترشيد ومراقبة استخدام السيارات الحكومية والتقنين من عددها وحصر استخداماتها وحركتها إلا للضرورة، ويمكن منح بدل تنقلات شهرية تضاف إلى الراتب عوضا عن استخدام السيارة الحكومية في التنقلات للذين تقتضي الحاجة لهم في ذلك.
8. إعادة هيكلة القطاع العام والوظائف فيه وإشراك وزارة تطوير القطاع العام في ذلك، لرفع مستوى الخدمة المقدمة وزيادة الإنتاجية واستغلال الوقت بالشكل الأمثل، ولإيجاد المواءمة بين متطلبات الوظيفة وعدد شاغليها ومؤهلاتهم وخبراتهم، وذلك توفيرا للنفقات والاستغلال الأمثل للطاقات المتاحة.
9. ضبط الإنفاق العام، ووقف الإنفاق غير المبرر في القطاع الحكومي؛ حيث إن تقارير ديوان المحاسبة تشير الى ذلك، حتى لو تطلب الأمر اللجوء الى التدقيق المسبق على النفقات من قبل ديوان المحاسبة وأخذ توصياته بعين الاعتبار، ولا سيما النفقات الجارية ذات الأثر الجوهري.
10. ضبط وتنظيم سوق العمل الأردني بمختلف الوسائل الممكنة، بما يسهم في خلق الوظائف وزيادة الإنتاجية والدخل.
11. ضبط نفقات السفر الى الخارج وإمكانية الاقتصار على ممثلي السفارات والقنصليات الأردنية في تمثيل الأردن في الفعاليات التي تنظم في الخارج، ولا تستدعي الحضور الشخصي لها.
12. عدم توجيه الديون لتمويل النفقات الجارية؛ حيث إن عمر الديون عادة يكون طويل الأجل، بينما النفقات الجارية لتغطية احتياجات قصيرة الأجل مما يخلق فجوة تمويلية زمنية بينهما وأسهم هذا الإجراء في وصول المديونية إلى مستوياتها الحالية المقلقة.
وأن يوجه الاقتراض للمشاريع الاستثمارية والاستراتيجية بناء على دراسات جدوى التي تحدث التنمية المستدامة وتحفز النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل وتسهم في التخفيف من البطالة.
13. الوقوف على أوضاع المباني الحكومية الخالية أو المهجورة واتخاذ القرار المناسب بشأنها سواء ببيعها أو تأجيرها أو الاستفادة منها.
14. إن رفع الأسعار سيزيد من نسبة التضخم ويرفع كلفة المعيشة، بدون أن يوازي ذلك ارتفاع في المداخيل أو نمو في الاقتصاد بشكل ملموس يخفف من وطأة ارتفاع تكاليف المعيشة.
15. إعادة النظر في أسلوب ومنهجية إعداد الموازنة العامة وطريقة عرض البيانات والتحليلات وإعداد ملخصات بها، بما يسهل على مستخدميها فهمها.