أكاديميون وباحثون يعاينون الأعمال الفكرية للمؤرخ والرحالة والرائد التربوي في فلسطين والعراق والكويت درويش المقدادي


أنباء الوطن -

 

د.الجالودي: للمقدادي بصمات واضحة ودور أساسي في النضال القومي والعمل السياسي وإثارة الوعي القومي والاستقلال عن الأجنبي

د.أبو حمّور: اللقاءات التي تتناول شخصيات قومية عروبية هي تكريم لهم ولمواقفهم التاريخية وتفانيهم من أجل الأمة العربية

د.أبو الشعر: ثقافة المقدادي هي نموذج لثقافة عصره لكونه تلقى تعليمه على أيدي كبار ومؤسسي وشهداء القومية العربية

د.الدروبي:المقدادي حقق من خلال المسرح رؤيته التربوية في تبصير الأجيال وغرس القيم الرفيعة والأخلاق الكريمة في نفوسهم

د.سعاده: الوحدة العربية هي سبب النهضة والسبيل الأسمى والأهم في قوة الأمة العربية

د.الحاج علي: حركات التحرير العربية هدفت إلى توحيد الأقطار العربية لتستطيع الدفاع عن استقلاليتها أمام الاستعمار

هاشم: كتب المقدادي رحلاته بروح المؤرخ والتربوي والناقد الاجتماعي الإصلاحي النظرة واعتنى بتاريخ الأماكن وبالبيئة الحضارية

 

عمّان - عقد منتدى الفكر العربي، لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة آل البيت د.عليان الجالودي حول "المؤرخ والرحالة والرائد التربوي في فلسطين والعراق والكويت درويش المقدادي (1898-1961) في أعماله الفكرية"، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبو حمّور، كل من: الأكاديمية والباحثة في التاريخ وعضو المنتدى د.هند أبو الشعر، وأستاذ الأدب العربي القديم والدراسات الحضارية والتاريخية والإسلامية في جامعة آل البيت د.محمد محمود الدروبي، ورئيس قسم التاريخ في جامعة آل البيت د.علاء كامل سعاده، وأستاذ التاريخ في جامعة آل البيت د.عبد المجيد إبراهيم الحاج علي، ونائب الأمين العام للشؤون الثقافية في منتدى الفكر العربي الأستاذ كايد هاشم، وحضر اللقاء عدد من المهتمين والباحثين.

أوضَحَ المُحاضِر د.عليان الجالودي أن درويش المقدادي يُعدّ واحداً من أبرز المفكرين والمناضلين القوميين العرب خلال فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وله  دور أساسي ومهم في نشأة الحركة القومية الثقافية وفي الحياة السياسية في كل من فلسطين، والعراق.

وأشار د.الجالودي إلى دور المقدادي المؤثر والفاعل في مسيرة التربية والتعليم في وطنه والبلدان التي عمل فيها، وله عدد من المؤلفات والمقالات في حقل التاريخ والتربية، بالإضافة إلى توثيق رحلاته التي قام بها إلى شرق الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق.

ناقش المتداخلون سيرة حياة درويش المقدادي العلمية والعملية ونضاله السياسي، ودوره من خلال التنظيمات القومية والأندية والجمعيات التي شارك فيها خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، وأثر ذلك في تكوين الفكر العربي والحركات القومية والثقافة العربية، من خلال إيجاد آليات فكرية ومنهجية للدفاع عن الأمة العربية ومستقبلها، مشيرين إلى جهوده الفكرية في هذه المجالات.

التفاصيل:

أوضَحَ المُحاضِر د.عليان الجالودي أن درويش المقدادي 1898-1961، يُعدّ واحداً من أبرز المفكرين والمناضلين القوميين العرب الفلسطينيين خلال فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومن التربويين الذين تركوا بصمات واضحة في مسيرة التربية والتعليم في فلسطين والعراق وسوريا والكويت، وأشار إلى عدد من مؤلفاته في حقلي التاريخ والتربية، وإلى مقالاته المنشورة في المجلات العربية التي تعكس أوجه اهتماماته الفكرية، وتوثق بعض رحلاته.

كما أشار د.الجالودي إلى أن للمقدادي بصمات واضحة ودوراً أساسياً في النضال القومي والعمل السياسي، وخاصة خلال فترة عمله في فلسطين والعراق 1926-1945، فقد عمل على إثارة الوعي القومي والاستقلال عن الأجنبي ومقاومة الصهيونية، من خلال تأسيس وعضوية الأحزاب والتنظيمات والجمعيات ذات التوجه القومي، فكان عضواً مؤسساً في "جمعية الجوال العربي"، و"نادي المثنى بن حارثة الشيباني" الذي تأسس عام 1935، وعدد من الجمعيات مثل "جمعية الدفاع عن فلسطين".

وأضاف د.الجالودي أن دراسة درويش المقدادي في الكلية العلمية الإسلامية ولاحقاً في الجامعة الأمريكية في بيروت للتاريخ والآدب والاجتماع أثرت في تكوين شخصيته وارتباطه بتاريخ أمته وتشربه للفكر الليبرالي الحر، وترسيخ مفاهيم الديمقراطية والحرية الفردية، والاطلاع على الثقافة الغربية التي تفاعلت مع ثقافته العربية ليصبح عربياً في قلبه، وإسلامياً في إيمانه، وغربياً في تفكيره.

وبَيّنَ د.الجالودي الدور التربوي الذي قام به المقدادي في تنشئة الأجيال وأثره على الروح الوطنية والانتماء في دار المعلمين ثم في الكلية الإسلامية في القدس، ونشاطه التربوي والسياسي والتنظيمي في العراق وتقلده مواقع قيادية في المدارس العالية والإدارة التربوية، كما بَيّنَ دوره في إدارة المعارف في الكويت، وتطوير مناهج التعليم فيها، وإنشاء المدارس الثانوية والابتدائية، وتطوير التعليم النسوي، مشيراً إلى عدد من مؤلفاته ومقالاته ومنها: كتاب "تاريخ الأمة العربية"، وكتاب "من تاريخنا"، ومخطوط "تاريخ الكويت".

ومن جهته بَيّن د.محمد أبو حمّور أهمية اللقاءات التي تتناول شخصيات قومية عروبية، وذلك لإلقاء الضوء على مواقفهم التاريخية وتفانيهم في خدمة الأمة العربية وتكريمهم، من خلال معرفة دورهم النهضوي، وتوحيد مواقف الأمة تجاه الاستعمار، وصون هويتها والتقدم المنشود تعليمياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً؛ وأضاف د.أبو حمّور أن درويش المقدادي من القامات العربية الفلسطينية المناضلة والتي كان لها دورها في إصلاح قطاع التعليم، وتطوير أنظمة التدريس وفرض نظام الفتوة في مدارس العراق، كما كان له الأثر الأكبر في نشأة التعليم في الكويت ومساهمات عديدة في التطورات التي شهدتها البلاد خلال إقامته فيها، كما أنه اعتنى باللغة العربية وعمل على الحفاظ عليها، وسعى إلى أن تكون اللغة العربية  لغة رسمية لباكستان.

وأشارت د.هند أبو الشعر إلى المقالات التربوية التي كتبها المقدادي، وما ترجم فيها من آراء تربوية، وأفكار وتوجهات في بناء الفكر السياسي وربطها بتاريخ الأمة، وطرحه لحاله من التنوير والوعي في نفوس وعقول القراء، موضحةً بأن ثقافة المقدادي هي نموذج لثقافة عصره كونه تلقى تعليمه على أيدي كبار ومؤسسي وشهداء القومية العربية الكبار أمثال (أحمد حسن طبارة)، و(عبدالحميد الزهراوي)، وأكدت د.أبو الشعر أهمية دراسة مثل هذه الشخصيات والنماذج في ظل فوضى العولمة التي تجتاح فكر وسلوكيات الشباب العربي.

وتناول د.محمد الدروبي تجربة درويش المقدادي في كتابة المسرحية، مشيراً إلى أن المقدادي حقق من خلال المسرح رؤيته التربوية في تبصير الأجيال، وغرس القيم الرفيعة في نفوسهم، وإسعافهم بالقوة الروحية التي تجعلهم مسلحين بالثقة والعزة والأخلاق الكريمة، مشيراً إلى أن المقدادي أدخل تطورات كبيرة على المسرح المدرسي في الكويت إبان عمله مديراً للمعارف في عام 1950-1952، وأن له عملاً مسرحياً واحداً صدر بعد وفاته عام 1967 تحت عنوان "بين جاهليتين"، وهو اسم وضعه ناشر المسرحية.

ولفت د.علاء كامل سعاده إلى كتاب "تاريخ الأمة العربية" للمقدادي، والذي نشر حوالي عام 1931، ودعا من خلاله إلى نهضة الأمة العربية، وغرس مفاهيم الانتماء والرفعة، وذلك من خلال تركيزه على مقومات النهضة العربية، موضحاً بأن رؤية المقدادي تتمثل بأن الوحدة العربية هي السبيل الأسمى والأهم في قوة الأمة العربية وسبب نهضتها، مؤكداً من خلال كتابه ضرورة معرفة الطلبة والأجيال القادمة لتاريخهم العربي القومي وتعلم ما فيه من إنجازات وأمجاد والبناء عليها.

وتحدث د.عبد المجيد إبراهيم الحاج علي عن التحاق درويش المقدادي بجامعة برلين عام 1936، وعدم اتمامه دراسته بسبب اندلاع الحرب العالمية، وأنه كان ناشطاً سياسياً، حيث ترأس اتحاد الطلبة العرب في برلين، ومثل قيادة الحركة القومية العربية في برلين، وكان له ارتباطات "بنادي الشرق"، الذي يترأسه شكيب أرسلان، وأشار إلى أنه وبحسب بعض الباحثين الألمان فأن التأثر بالاشتراكية القومية الألمانية لدى القوميين العرب تعزى إلى "الجيل الشريفي"، الذي تميز بالتعليم العسكري العثماني لفترة طويلة، فيما الحركة القومية العربية ظهرت قبل الإيديولوجية الاشتراكية القومية الألمانية بفترة زمنية طويلة.

وأشار الأستاذ كايد هاشم إلى رحلات درويش المقدادي في المشرق العربي، وارتباطها بسيرته الشخصية وبفكره التربوي التعليمي بوصفه أستاذاً للتاريخ بنهج قومي، وأنه كتب رحلاته بروح المؤرخ والتربوي والناقد الاجتماعي الإصلاحي النظرة، واعتنى بتاريخ الأماكن وبالبيئة الجغرافية والاجتماعية والحضارية، مبيناً أهمية الرحلات للمعلم من أجل تحصيل المعرفة التاريخية والعلمية ونقلها إلى طلاب العلم لخدمة المصالح النهضوية العربية، وأنه ركز في هذا المجال على العلاقة السببية بين ثروة البلاد الاقتصادية وقوة الدفاع عنها، ورخاء أهلها، وطبائعهم وشكل حكوماتهم، وطبيعة أديانهم؛ وبَيّن كذلك حالة البلاد الجغرافية والجوية والجيولوجية والزراعية، وعوامل تكوين الأمة ووحدتها من حيث اللغة والدين والمكان والتقاليد والمصلحة المشتركة.

هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين في اللقاء والحضور حول القضايا التي طُرحت. 

 يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.