خطر الكورونا وتصفيات بطولة طوكيو في عمان


أنباء الوطن -

- قف بطوكيو وطف على يوكوهاما.. وسل القريتين كيف القيامة.. هذا المطلع لأمير الشعراء أحمد شوقي كان قد نظم قبل زلزال الكورونا بكثير، حين حزن شاعرنا على جزيرة اليابان التي تعجز كغيرها من الدول، عن مواجهة عنف الطبيعة، رغم قفزاتها العلمية الهائلة، التي جعلتها تتقدم على كل دول العالم بأشواط ضوئية، وإعجاز تكنولوجي فاتن!

اليابان دولة تعيش في المستقبل.. ابتكاراتها العظيمة جعلت من الذكاء الإصطناعي حقيقة مهيمنة، حتى بات "الروبورت" جزء من حياة أطفالها اليومية، وهم ذات الأطفال الذين يقضون أوقات فراغهم في صناعة ما نستورده من حواسيب وعدسات وساعات، نضبط بها تقويمنا على عقارب التخلف عن هذه الدولة العملاقة..

ولكن.. رغم التطور الهائل الذي حققته اليابان، لم تصب بتلك اللوثة النرجسية، التي قد تجعل الإنسان يتوهم تفوقه على الطبيعة.. هذه الدولة تعلم تماما عدم جدوى العناد والتكبر، في مواجهة الكوارث الطبيعية، أو الأمراض والأوبئة.. فيروس ضئيل لا يرى بالعين المجردة، يمتلك قوة تدميرية قادرة على حصد الأرواح وإفناء الحضارات.. أمام هذه الحقيقة خضعت دولة أكثر من عظمى، كاليابان، لتقف مترددة أمام بطولة الملاكمة، المقررة إقامتها على أراضيها، بعد تأهل المشاركين، الذين عجزوا عن قطع الشوط مرورا بمدينة ووهان الصينية، نتيجة انتشار "الكورونا".. 

هذا لا يعني أن يقف الأردن في صفوف المتفرجين، دون أن يسهم في خلق البديل عن ووهان، فلدينا رئيس حكومة يعشق "اقتناص الفرص"، أو كما قال في لقائه الصحفي، أمس السبت، في دار الرئاسة! بالنسبة لنا في الأردن، الذي تتغنى حكومته بحسها المغامر، وهواية ركوب أمواج المستحيل، ومقاومة مخرز الفيروسات بالعين المجردة، تقرر أن نستضيف التصفيات عوضا عن ووهان، بكل "جرأة"، على إيقاع البطولة العنترية لعبارة "نقلع العين اللدت تلانا"!

الأردن وافق وتحمس لاستضافة تصفيات بطولة طوكيو للملاكمة، التي عجزت الصين عن استقبالها، متحديا كل أنواع الفيروسات التي قد تصلنا من الشرق الأقصى، وكأن من اتخذ هذا القرار المغامر بأرواح المواطنين، يحاول فرد عضلاته على حلبة الكورونا!

لا حول ولا قوة إلا بالله! دولة فقيرة، محدودة الموارد والإمكانيات، تسعى لتحدي ما تخشى منه أعظم دول العالم!! ماذا لو انتقل المرض إلينا يا من اتخذ هذا القرار بجرة قلم؟ هل توجد لدى الحكومة الأردنية الإمكانيات التي تفتقر إليها إمبراطورية الحزب الحاكم في الصين، كي تدخل في حلبة الصراع مع هذا الوباء؟!

الطبيعة بكوارثها وأوبئتها ليست خصما سهل المنال تمكن مواجهته على حلبة صراع استعراضية.. كما أن أرواح الناس ليست رخيصة إلى هذه الدرجة التي تسمح بالعنتريات.. وباء الكورونا أكبر من إمكانية مواجهته بقدراتنا البسيطة، فلماذا نتأبط حتفنا بمثل هذه القرارات الإنتحارية؟ هل سئمت الحكومة من المواطنين، فقررت إعدامهم بالجملة على حلبة استقبال الموت القادم من الشرق؟!